نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 266
اسمها عتبة، و قد طلبها منه غير مرة فإذا سمح له بها لم ترده الجارية، و تقول للخليفة: أ تعطيني لرجل دميم الخلق كان يبيع الجرار؟ فكان يكثر التغزل فيها، و شاع أمره و اشتهر بها، و كان المهدي يفهم ذلك منه. و اتفق في بعض الأحيان أن المهدي استدعى الشعراء إلى مجلسه و كان فيهم أبو العتاهية و بشار بن برد الأعمى، فسمع صوت أبى العتاهية. فقال بشار لجليسه: أثم هاهنا أبو العتاهية؟
قال: نعم. فانطلق يذكر قصيدته فيها التي أولها:
ألا ما لسيدتى ما لها* * * أدلت فأجمل إدلالها
فقال بشار لجليسه: ما رأيت أجسر من هذا. حتى انتهى أبو العتاهية إلى قوله:
أتته الخلافة منقادة* * * إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له* * * و لم يك يصلح إلا لها
و لو رامها أحد غيره* * * لزلزلت الأرض زلزالها
و لو لم تطعه بنات القلوب* * * لما قبل اللَّه أعمالها
فقال بشار لجليسه: انظروا أطار الخليفة عن فراشه أم لا؟ قال: فو اللَّه ما خرج أحد من الشعراء يومئذ بجائزة غيره. قال ابن خلكان: اجتمع أبو العتاهية بأبي نواس- و كان في طبقته و طبقة بشار- فقال أبو العتاهية لأبى نواس: كم تعمل في اليوم من الشعر؟ قال: بيتا أو بيتين.
فقال: لكنى أعمل المائة و المائتين. فقال أبو نواس: لعلك تعمل مثل قولك:
يا عتب ما لي و لك* * * يا ليتني لم أرك
و لو عملت أنا مثل هذا لعملت الألف و الألفين و أنا أعمل مثل قولي:
من كف ذات حرفى زي ذي ذكر لها محبان لوطي و زناء و لو أردت مثلي لأعجزك الدهر. قال ابن خلكان: و من لطيف شعر أبى العتاهية:
إني صبوت إليك* * * حتى صرت من فرط التصابي
يجد الجليس إذا دنا* * * ريح التصابي في ثيابي
و كان مولده سنة ثلاثين و مائة. و توفى يوم الاثنين ثالث جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة و قيل ثلاث عشرة و مائتين، و أوصى أن يكتب على قبره ببغداد:
إن عيشا يكون آخره الموت* * * لعيش معجل التنغيص
ثم دخلت سنة ثنتين عشرة و مائتين
فيها وجه المأمون محمد بن حميد الطوسي على طريق الموصل لمحاربة بابك الخرمى في أرض أذربيجان، فأخذ جماعة من الملتفين عليه فبعث بهم إلى المأمون. و في ربيع الأول أظهر المأمون
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 266