responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 264

الجند بل دخلها وحده، فأنزل في مدينة أبى جعفر ثم حول إلى موضع آخر. و في هذا الشهر ظفر المأمون بجماعة من كبراء من كان بايع إبراهيم بن المهدي فعاقبهم و حبسهم في المطبق، و لما كان ليلة الأحد لثلاث عشرة من ربيع الآخر اجتاز إبراهيم بن المهدي- و كان مختفيا مدة ست سنين و شهورا متنقبا في زي امرأة و معه امرأتان- في بعض دروب بغداد في أثناء الليل، فقام الحارس فقال: إلى أين هذه الساعة؟ و من أين؟ ثم أراد أن يمسكهن فأعطاه إبراهيم خاتما كان في يده من ياقوت، فلما نظر إليه استراب، و قال: إنما هذا خاتم رجل كبير الشان، فذهب بهن إلى متولى الليل فأمرهن أن يسفرن عن وجوههن، فتمنع إبراهيم فكشفوا عن وجهه فإذا هو هو، فعرفه فذهب به إلى صاحب الجسر فسلمه إليه فرفعه الآخر إلى باب المأمون، فأصبح في دار الخلافة و نقابه على رأسه و الملحفة في صدره ليراه الناس، و ليعلموا كيف أخذ. فأمر المأمون بالاحتفاظ به و الاحتراس عليه مدة، ثم أطلقه و رضى عنه. هذا و قد صلب جماعة ممن كان سجنهم بسببه لكونهم أرادوا الفتك بالموكلين بالسجن، فصلب منهم أربعة.

و قد ذكروا أن إبراهيم لما وقف بين يدي المأمون أنبه على ما كان منه فترقق له عمه إبراهيم كثيرا، و قال: يا أمير المؤمنين إن تعاقب فبحقك، و إن تعف فبفضلك. فقال: بل أعفو يا إبراهيم إن القدرة تذهب الحفيظة، و الندم توبة و بينهما عفو اللَّه عز و جل، و هو أكبر مما تسأله، فكبر إبراهيم و سجد شكرا للَّه عز و جل.

و قد امتدح إبراهيم بن المهدي ابن أخيه المأمون بقصيدة بالغ فيها، فلما سمعها المأمون قال: أقول كما قال يوسف لأخوته‌ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‌ و ذكر ابن عساكر أن المأمون لما عفا عن عمه إبراهيم أمره أن يغنيه شيئا فقال: إني تركته. فأمره فأخذ العود في حجره و قال:

هذا مقام سرور خربت منازله و دوره‌* * * نمت عليه عداته كذبا فعاقبه أميره‌

ثم عاد فقال:

ذهبت من الدنيا و قد ذهبت عنى‌* * * لوى الدهر بى عنها و ولى بها عنى‌

فان أبك نفسي أبك نفسا عزيزة* * * و إن أحتقرها أحتقرها على ضغن‌

و إني و إن كنت المسي‌ء بعينه‌* * * فأنى بربي موقن حسن الظن‌

عدوت على نفسي فعاد بعفوه‌* * * على فعاد العفو منا على من‌

فقال المأمون: أحسنت يا أمير المؤمنين حقا. فرمى العود من حجره و وثب قائما فزعا من هذا الكلام، فقال له المأمون: اجلس و اسكن مرحبا بك و أهلا، لم يكن ذلك لشي‌ء تتوهمه، و و اللَّه لا رأيت طول أيامى شيئا تكرهه. ثم أمر له بعشرة آلاف دينار و خلع عليه، ثم أمر له برد جميع‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست