نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 260
و أطاع، فحضروا الموسم ثم ساروا إلى اليمن و بعثوا بالكتاب إلى عبد الرحمن فسمع و أطاع و جاء حتى وضع يده في يد دينار، فساروا به إلى بغداد و لبس السواد فيها.
و في هذه السنة توفى طاهر بن الحسين بن مصعب نائب العراق و خراسان بكمالها، وجد في فراشه ميتا بعد ما صلى العشاء الآخرة و التف في الفراش، فاستبطأ أهله خروجه لصلاة الفجر فدخل عليه أخوه و عمه فوجداه ميتا، فلما بلغ موته المأمون قال: لليدين و للفم الحمد للَّه الّذي قدمه و أخرنا. و ذلك أنه بلغه أن طاهرا خطب يوما و لم يدع للمأمون فوق المنبر، و مع هذا ولى ولده عبد اللَّه مكانه و أضاف إليه زيادة على ما كان ولاه أبا الجزيرة و الشام نيابة فاستخلف على خراسان أخاه طلحة بن طاهر سبع سنين، ثم توفى طلحة فاستقبل عبد اللَّه بجميع تلك البلاد، و كان نائبة على بغداد إسحاق ابن إبراهيم و كان طاهر بن الحسين هو الّذي انتزع بغداد و العراق من يد الأمين و قتله، و قد دخل طاهر يوما على المأمون فسأله حاجة فقضاها له، ثم نظر إليه المأمون و أغر و رقت عيناه فقال له طاهر:
ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ فلم يخبره، فأعطى طاهر حسينا الخادم مائتي ألف درهم حتى استعلم له مما بكى أمير المؤمنين فأخبره المأمون و قال لا تخبر به أحدا [و إلا] أقتلك، إني ذكرت قتله لأخى و ما ناله من الإهانة على يدي طاهر، و و اللَّه لا تفوته منى. فلما تحقق طاهر ذلك سعى في النقلة من بين يدي المأمون، و لم يزل حتى ولاه خراسان و أطلق له خادما من خدامه، و عهد المأمون إلى الخادم إن رأى منه شيئا يريبه أن يسمه، و دفع إليه سما لا يطاق. فلما خطب طاهر و لم يدع للمأمون سمه الخادم في كامخ فمات من ليلته. و قد كان طاهر هذا يقال له ذو اليمينين، و كان أعور بفرد عين. فقال فيه عمرو بن نباتة:
يا ذا اليمينين و عين واحده* * * نقصان عين و يمين زائدة
و اختلف في معنى قوله ذو اليمينين فقيل لأنه ضرب رجلا بشماله فقده نصفين، و قيل لأنه ولى العراق و خراسان. و قد كان كريما ممدحا يحب الشعراء و يعطيهم الجزيل، ركب يوما في حراقة فقال فيه شاعر:
عجبت لحراقة ابن الحسين* * * لا غرقت كيف لا تغرق
و بحران من فوقها واحد* * * و آخر من تحتها مطبق
و أعجب من ذلك أعوادها* * * و قد مسها كيف لا تورق
فأجازه بثلاثة آلاف دينار. و قال إن زدتنا زدناك. قال ابن خلكان: و ما أحسن ما قاله بعض الشعراء في بعض الرؤساء و قد ركب البحر:
و لما امتطى البحر ابتهلت تضرعا* * * إلى اللَّه يا مجرى الرياح بلطفه
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 260