responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 258

أنا بها- يعنى الحوراء- قد ركضتني برجلها فقالت: حبيبي أ ترقد عيناك و الملك يقظان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم؟ بؤسا لعين آثرت لذة نومة على لذة مناجاة العزيز، قم فقد دنا الفراغ و لقي المحبون بعضهم بعضا، فما هذا الرقاد؟! حبيبي و قرة عيني أ ترقد عيناك و أنا أتربى لك في الخدور منذ كذا و كذا؟ قال: فوثبت فزعا و قد عرقت حياء من توبيخها إياي* و إن حلاوة منطقها لفي سمعي و قلبي. و قال أحمد: دخلت على أبى سليمان فإذا هو يبكى فقلت: مالك؟ فقال: زجرت البارحة في منامي. قلت: ما الّذي زجرك؟ قال: بينا أنا نائم في محرابي إذ وقفت على جارية فوق الدنيا حسنا، و بيدها ورقة و هي تقول: أ تنام يا شيخ؟ فقلت: من غلبت عينه نام قالت: كلا إن طالب الجنة لا ينام، ثم قالت: أ تقرأ؟ قلت: نعم، فأخذت الورقة من يدها فإذا فيها مكتوب:

لهت بك لذة عن حسن عيش‌* * * مع الخيرات في غرف الجنان‌

تعيش مخلدا لا موت فيها* * * و تنعم في الجنان مع الحسان‌

تيقظ من منامك إن خيرا* * * من النوم التهجد في القران‌

و قال أبو سليمان: أما يستحى أحدكم أن يلبس عباءة بثلاثة دراهم و في قلبه شهوة بخمسة دراهم؟

و قال أيضا: لا يجوز لأحد أن يظهر للناس الزهد و الشهوات في قلبه، فإذا لم يبق في قلبه شي‌ء من الشهوات جاز له أن يظهر إلى الناس الزاهد بلبس العبا فإنها علم من أعلام الزهاد، و لو لبس ثوبين أبيضين ليستر بهما أبصار الناس عنه و عن زهده كان أسلم لزهده من لبس العبا. و قال: إذا رأيت الصوفي يتنوق في لبس الصوف فليس بصوفى، و خيار هذه الأمة أصحاب القطن، أبو بكر الصديق و أصحابه، و قال غيره: إذا رأيت ضوء الفقير في لباسه فاغسل يديك من فلاحه. و قال أبو سليمان: الأخ الّذي يعظك برؤيته قبل كلامه، و قد كنت انظر إلى الأخ من أصحابى بالعراق فأنتفع برؤيته شهرا.

و قال أبو سليمان قال اللَّه تعالى: عبدي إنك ما استحييت منى أنسيت الناس عيوبك، و أنسيت بقاع الأرض ذنوبك و محوت زلاتك من أم الكتاب و لم أناقشك الحساب يوم القيامة. و قال أحمد: سألت أبا سليمان عن الصبر فقال: و اللَّه إنك لا تقدر عليه في الّذي تحب فكيف تقدر عليه فيما تكره؟ و قال أحمد تنهدت عنده يوما فقال: إنك مسئول عنها يوم القيامة، فان كانت على ذنب سلف فطوبى لك، و إن كانت على فوت دنيا أو شهوة فويل لك. و قال إنما رجع من رجع من الطريق قبل وصول، و لو وصلوا إلى اللَّه ما رجعوا. و قال إنما عصى اللَّه من عصاه لهوانهم عليه، و لو عزوا عليه و كرموا لحجزهم عن معاصيه و حال بينهم و بينها. و قال: جلساء الرحمن يوم القيامة من جعل فيهم خصالا الكرم و الحلم و العلم و الحكمة و الرأفة و الرحمة و الفضل و الصفح و الإحسان و البر و العفو و اللطف.

و ذكر أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب محن المشايخ أن أبا سليمان الدارانيّ أخرج من دمشق‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست