responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 239

كانوا ففرقهم دهر و صدعهم‌* * * و الدهر يصدع ما بين الفريقين‌

و قد أكثر الشعراء في ذلك. و قد أورد ابن جرير من ذلك طرفا صالحا، و أورد في ذلك قصيدة طويلة جدا فيها بسط ما وقع، و هي هول من الأهوال اقتصرناها بالكلية.

و استحوذ طاهر على ما في الضياع من الغلات و الحواصل للأمراء و غيرهم، و دعاهم إلى الأمان و البيعة للمأمون فاستجابوا جميعهم، منهم عبد اللَّه بن حميد بن قحطبة، و يحيى بن على بن ماهان، و محمد بن أبى العباس الطوسي، و كاتبه خلق من الهاشميين و الأمراء، و صارت قلوبهم معه. و اتفق في بعض الأيام أن ظفر أصحاب الأمين ببعض أصحاب طاهر فقتلوا منهم طائفة عند قصر صالح، فلما سمع الأمين بذلك بطر و أشر و أقبل على اللهو و الشرب و اللعب، و وكل الأمور و تدبيرها إلى محمد بن عيسى بن نهيك، ثم قويت شوكة أصحاب طاهر و ضعف جانب الأمين جدا، و انحاز الناس إلى جيش طاهر- و كان جانبه آمنا جدا لا يخاف أحد فيه من سرقة و لا نهب و لا غير ذلك- و قد أخذ طاهر أكثر محال بغداد و أرباضها، و منع الملاحين أن يحملوا طعاما إلى من خالفه، فغلت الأسعار جدا عند من خالفه، و ندم من لم يكن خرج من بغداد قبل ذلك، و منعت التجار من القدوم إلى بغداد بشي‌ء من البضائع أو الدقيق، و صرفت السفن إلى البصرة و غيرها، و جرت بين الفريقين حروب كثيرة، فمن ذلك وقعة درب الحجارة كانت لأصحاب الأمين، قتل فيها خلق من أصحاب طاهر كان الرجل من العيارين و الحرافشة من البغاددة يأتى عريانا و معه بارية مقيرة، و تحت كتفه مخلاة فيها حجارة، فإذا ضربه الفارس من بعيد بالسهم اتقاه بباريته فلا يؤذيه، و إذا اقترب منه رماه بحجر في المقلاع أصابه، فهزموهم لذلك. و وقعة الشماسية أسر فيها هرثمة بن أعين، فشق ذلك على طاهر و أمر بعقد جسر على دجلة فوق الشماسية، و عبر طاهر بنفسه و من معه إلى الجانب الآخر فقاتلهم بنفسه أشد القتال حتى أزالهم عن مواضعهم، و استرد منهم هرثمة و جماعة ممن كانوا أسروهم من أصحابه، فشق ذلك على محمد الأمين و قال في ذلك:-

منيت بأشجع الثقلين قلبا* * * إذا ما طال ليس كما يطول‌

له مع كل ذي بدد رقيب‌* * * يشاهده و يعلم ما يقول‌

فليس بمغفل أمرا عنادا* * * إذا ما الأمر ضيّعه الغفول‌

و ضعف أمر الأمين جدا و لم يبق عنده مال ينفقه على جنده و لا على نفسه، و تفرق أكثر أصحابه عنه، و بقي مضطهدا ذليلا. ثم انقضت هذه السنة بكمالها و الناس في بغداد في قلاقل و أهوية مختلفة، و قتال و حريق، و سرقات، و ساءت بغداد فلم يبق فيها أحد يرد عن أحدكما هي عادة الفتن.

و حج بالناس فيها العباس بن موسى الهاشمي من جهة المأمون. و فيها توفى شعيب بن حرب أحد

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست