نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 238
و حفص بن غياث القاضي
عاش فوق التسعين، و لما احتضر بكى بعض أصحابه فقال له: لا تبك! و اللَّه ما حللت سراويلي على حرام قط، و لا جلس بين يدي خصمان فباليت على من وقع الحكم عليه منهما، قريبا كان أو بعيدا، ملكا أو سوقة.
و عبد اللَّه بن مرزوق أبو محمد الزاهد، كان وزيرا للرشيد فترك ذلك كله و تزهد و أوصى عند موته أن يطرح قبل موته على مزبلة لعل اللَّه أن يرحمه.
و أبو شيص
الشاعر محمد بن رزين بن سليمان، كان أستاذ الشعراء، و إنشاء الشعر و نظمه أسهل عليه من شرب الماء، كذا قال ابن خلكان و غيره. و كان هو و أبو مسلم بن الوليد- الملقب صريع الغواني- و أبو نواس و دعبل يجتمعون و يتناشدون. و قد عمى أبو الشيص في آخر عمره، و من جيد شعره قوله:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي* * * متأخر عنه و لا متقدم
أشبهت أعدائى فصرت أحبهم* * * إذا كان حظي منك حظي منهم
و أهنتني فأهنت نفسي صاغرا* * * ما من يهون عليك ممن تكرم
ثم دخلت سنة سبع و تسعين و مائة
استهلت هذه السنة و قد ألح طاهر بن الحسين و هرثمة بن أعين و من معهما في حصار بغداد و التضييق على الأمين، و هرب القاسم بن الرشيد و عمه منصور بن المهدي إلى المأمون فأكرمهما، و ولى أخاه القاسم جرجان. و اشتد حصار بغداد و نصب عليها المجانيق و العرّادات. و ضاق الأمين بهم ذرعا، و لم يبق معه ما ينفق في الجند، فاضطر إلى ضرب آنية الفضة و الذهب دراهم و دنانير، و هرب كثير من جنده إلى طاهر، و قتل من أهل البلد خلق كثير، و أخذت أموال كثيرة منهم، و بعث الأمين إلى قصور كثيرة و دور شهيرة مزخرفة و أماكن و محال كثيرة فحرقها بالنار لما رأى في ذلك من المصلحة، فعل كل هذا فرارا من الموت و لتدوم الخلافة له فلم تدم، و قتل و خربت دياره كما سيأتي قريبا، و فعل طاهر مثل ما فعل الأمين حتى كادت بغداد تخرب بكمالها، فقال بعضهم في ذلك:
من ذا أصابك يا بغداد بالعين* * * أ لم تكوني زمانا قرة العين
أ لم يكن فيك قوم كان مسكنهم* * * و كان قربهم زنا من الزين
صاح الغراب بهم بالبين فافترقوا* * * ما ذا لقيت بهم من لوعة البين
استودع اللَّه قوما ما ذكرتهم* * * إلا تحدر ماء العين من عيني
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 238