نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 225
فسار إليه بمن معه فأكرمه المأمون و عظمه، و جاء هرثمة على إثره فتلقاه المأمون و وجوه الناس و ولاه الحرس، فلما بلغ الأمين أن الجنود التفت على أخيه المأمون ساءه ذلك و أنكره، و كتب إلى المأمون كتابا و أرسل إليه رسلا ثلاثة من أكابر الأمراء، سأله أن يجيبه إلى تقديم ولده عليه، و أنه قد سماه الناطق بالحق، فأظهر المأمون الامتناع فشرع الأمراء في مطايبته و ملاينته، و أن يجيبهم إلى ذلك فأبى كل الاباء، فقال له العباس بن موسى بن عيسى: فقد خلع أبى نفسه فما ذا كان؟ فقال المأمون إن أباك كان امرأ مكروها، ثم لم يزل المأمون يعد العباس و يمنيه حتى بايعه بالخلافة، ثم لما رجع إلى بغداد كان يراسله بما كان من أمر الأمين و يناصحه، و لما رجع الرسل إلى الأمين أخبروه بما كان من قول أخيه، فعند ذلك صمم الفضل بن الربيع على الأمين في خلع المأمون، فخلعه و أمر بالدعاء لولده في سائر البلاد، و أقاموا من يتكلم في المأمون و يذكر مساويه، و بعثوا إلى مكة فأخذوا الكتاب الّذي كتبه الرشيد و أودعه في الكعبة، فمزقه الأمين و أكد البيعة إلى ولده الناطق بالحق على ما ولاه من الأعمال، و جرت بين الأمين و المأمون مكاتبات و رسل يطول بسطها. و قد استقصاها ابن جرير في تاريخه، ثم آل بهما الأمر إلى أن احتفظ كل منهما على بلاده و حصنها و هيأ الجيوش و الجنود و تألف الرعايا. و فيها غدرت الروم بملكهم ميخائيل فراموا خلعه و قتله فترك الملك و ترهب و ولوا عليهم اليون. و حج بالناس فيها نائب الحجاز داود بن عيسى، و قيل على بن الرشيد.
و فيها توفي من الأعيان:
سلم بن سالم أبو بحر البلخي
قدم بغداد و حدث بها عن إبراهيم بن طهمان و الثوري. و عنه الحسن بن عرفة. و كان عابدا زاهدا، مكث أربعين سنة لم يفرش له فراش، و صامها كلها إلا يومى العيد، و لم يرفع رأسه إلى السماء، و كان داعية الارجاء ضعيف الحديث، إلا أنه كان رأسا في الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، و كان قد قدم بغداد فأنكر على الرشيد و شنع عليه فحبسه و قيده باثني عشر قيدا، فلم يزل أبو معاوية يشفع فيه حتى جعلوه في أربعة قيود، ثم كان يدعو اللَّه أن يرده إلى أهله. فلما توفى الرشيد أطلقته زبيدة فرجع- و كانوا بمكة قد جاءوا حجاجا- فمرض بمكة. و اشتهى يوما بردا فسقط في ذلك الوقت برد حين اشتهاه فأكل منه. مات في ذي الحجة من هذه السنة.
و عبد الوهاب بن عبد المجيد
الثقفي كانت غلته في السنة قريبا من خمسين ألفا ينفقها كلها على أهل الحديث. توفى عن أربع و ثمانين سنة
. و أبو النصر الجهنيّ المصاب
كان مقيما بالمدينة النبويّة بالصفة من المسجد في الحائط الشمالي منه، و كان طويل السكوت، فإذا سئل أجاب بجواب حسن، و يتكلم بكلمات مفيدة تؤثر عنه و تكتب، و كان يخرج يوم الجمعة
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 225