responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 211

قال: لا و اللَّه، و لكني أبكي أن الأرض تأكل مثلك، أو تواري مثلك.

و قال علي بن الجهم عن أبيه: أصبحت يوما لا أملك شيئا حتى و لا علف الدابة. فقصدت الفضل بن يحيى، فإذا هو قد أقبل من دار الخلافة في موكب من الناس، فلما رآني رحب بي و قال:

هلم. فسرت معه، فلما كان ببعض الطريق سمع غلاما يدعو جارية من دار، و إذا هو يدعوها باسم جارية له يحبها، فانزعج لذلك و شكا إلي ما لقي من ذلك، فقلت: أصابك ما أصاب أخي بني عامر حيث يقول:

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى‌* * * فهيّج أحزان الفؤاد و لا يدري‌

دعا باسم ليلى غيرها و كأنما* * * أطار بليلى طائرا كان في صدري‌

فقال: اكتب لي هذين البيتين. قال: فذهبت إلى بقال فرهنت عنده خاتمي على ثمن ورقة و كتبتهما له، فأخذهما و قال: انطلق راشدا. فرجعت إلى منزلي فقال لي غلامي: هات خاتمك حتى نرهنه على طعام لنا و علف للدابة، فقلت: إني رهنته. فما أمسينا حتى أرسل إليّ الفضل بثلاثين ألفا من الذهب، و عشرة آلاف من الورق، أجراه علي كل شهر، و أسلفني شهرا.

و دخل على الفضل يوما بعض الأكابر فأكرمه الفضل و أجلسه معه على السرير، فشكا إليه الرجل دينا عليه و سأله أن يكلم في ذلك أمير المؤمنين. فقال: نعم، و كم دينك؟ قال ثلاثمائة ألف درهم. فخرج من عنده و هو مهموم لضعف رده عليه، ثم مال إلى بعض إخوانه فاستراح عنده ثم رجع إلى منزله فإذا المال قد سبقه إلى داره. و ما أحسن ما قال فيه بعض الشعراء:

لك الفضل يا فضل بن يحيى بن خالد* * * و ما كل من يدعى بفضل له فضل‌

رأى اللَّه فضلا منك في الناس واسعا* * * فسماك فضلا فالتقى الاسم و الفعل‌

و قد كان الفضل أكبر رتبة عند الرشيد من جعفر، و كان جعفر أحظى عند الرشيد منه و أخص.

و قد ولي الفضل أعمالا كبارا، منها نيابة خراسان و غيرها. و لما قتل الرشيد البرامكة و حبسهم جلد الفضل هذا مائة سوط و خلده في الحبس حتى مات في هذه السنة، قبل الرشيد بشهور خمسة في الرقة و صلى عليه بالقصر الّذي مات فيه أصحابه، ثم أخرجت جنازته فصلى عليها الناس، و دفن هناك و له خمس و أربعون سنة، و كان سبب موته ثقل أصابه في لسانه اشتد به يوم الخميس و يوم الجمعة، و توفي قبل أذان الغداة من يوم السبت. قال ابن جرير: و ذلك في المحرم من سنة ثلاث و تسعين و مائة، و قال ابن الجوزي: في سنة ثنتين و تسعين فاللَّه أعلم.

و قد أطال ابن خلكان ترجمته و ذكر طرفا صالحا من محاسنه و مكارمه، من ذلك أنه ورد بلخ حين كان نائبا على خراسان، و كان بها بيت النار التي كانت تعبدها المجوس، و قد كان جده برمك من خدامها، فهدم بعضه و لم يتمكن من هدمه كله، لقوة إحكامه، و بنى مكانه مسجدا للَّه تعالى. و ذكر أنه‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست