نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 208
طوالهم أنشد بكر بن النطاح لنفسه:
ما ضرها لو كتبت بالرضى* * * فجف جفن العين أو أغمضا
شفاعة مردودة عندها* * * في عاشق يود لو قد قضى
يا نفس صبرا و اعلمي أنما* * * يأمل منها مثلما قد مضى
لم تمرض الأجفان من قاتل* * * بلحظه إلّا لأن أمرضا
قال: فابتدروه يقبلون رأسه. و لما مات رثاه أبو العتاهية فقال:
مات ابن نطاح أبو وائل* * * بكر فأمسى الشعر قد بانا
و فيها توفي بهلول المجنون، كان يأوي إلى مقابر الكوفة، و كان يتكلم بكلمات حسنة، و قد وعظ الرشيد و غيره كما تقدم.
و عبد اللَّه بن إدريس
الأودي الكوفي، سمع الأعمش و ابن جريج و شعبة و مالكا و خلقا سواهم. و روى عنه جماعات من الأئمة، و قد استدعاه الرشيد ليوليه القضاء فقال: لا أصلح، و امتنع أشد الامتناع، و كان قد سأل قبله وكيعا فامتنع أيضا، فطلب حفص بن غياث فقبل. و أطلق لكل واحد خمسة آلاف عوضا عن كلفته التي تكلفها في السفر، فلم يقبل وكيع و لا ابن إدريس، و قبل ذلك حفص، فحلف ابن إدريس لا يكلمه أبدا. و حج الرشيد في بعض السنين فاجتاز بالكوفة و معه القاضي أبو يوسف و الأمين و المأمون، فأمر الرشيد أن يجتمع شيوخ الحديث ليسمعوا ولديه، فاجتمعوا إلا ابن إدريس هذا، و عيسى بن يونس. فركب الأمين و المأمون بعد فراغهما من سماعهما على من اجتمع من المشايخ إلى ابن إدريس فأسمعهما مائة حديث، فقال له المأمون: يا عم إن أردت أعدتها من حفظي، فأذن له فأعادها من حفظه كما سمعها، فتعجب لحفظه. ثم أمر له المأمون بعشرة آلاف فلم يقبلها، فظن أنه استقلها فأضعفها فقال: و اللَّه لو ملأت لي المسجد مالا إلى سقفه ما قبلت منه شيئا على حديث رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم).
و لما احتضر ابن إدريس بكت ابنته فقال: علام تبكي؟ فقد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.
صعصعة بن سلام
و يقال ابن عبد اللَّه أبو عبد اللَّه الدمشقيّ، ثم تحول إلى الأندلس فاستوطنها في زمن عبد الملك بن معاوية و ابنه هشام، و هو أول من أدخل علم الحديث و مذهب الأوزاعي إلى بلاد الأندلس، و ولي الصلاة بقرطبة، و في أيامه غرست الأشجار بالمسجد الجامع هناك كما يراه الأوزاعي و الشاميون و يكرهه مالك و أصحابه. و قد روى عن مالك و الأوزاعي و سعيد بن عبد العزيز. و روى عنه جماعة منهم عبد الملك بن حبيب الفقيه، و ذكره في كتاب الفقهاء، و ذكره ابن يونس في تاريخه- تاريخ مصر- و الحميدي في تاريخ الأندلس، و حرر وفاته في هذه السنة. و حكى عن شيخه ابن حزم أن صعصعة هذا أول من أدخل مذهب الأوزاعي إلى الأندلس. و قال ابن يونس: أول من أدخل علم الحديث إليها. و ذكر أنه توفي قريبا من سنة ثمانين و مائة، و الّذي حرره الحميدي في هذه السنة أثبت.
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 208