responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 204

من توفي فيها من الأعيان و المشاهير

أسد بن عمرو بن عامر أبو المنذر البجلي الكوفي صاحب أبي حنيفة، حكم ببغداد و بواسط، فلما انكف بصره عزل نفسه عن القضاء. قال أحمد بن حنبل: كان صدوقا. و وثقه ابن معين، و تكلم فيه علي بن المديني و البخاري. و سعدون المجنون صام ستين سنة فخف دماغه فسماه الناس مجنونا، وقف يوما على حلقة ذي النون المصري فسمع كلامه فصرخ ثم أنشأ يقول:

و لا خير في شكوى إلى غير مشتكى‌* * * و لا بد من شكوى إذا لم يكن صبر

و قال الأصمعي: مررت به و هو جالس عند رأس شيخ سكران يذب عنه، فقلت له: ما لي أراك عند رأس هذا الشيخ؟ فقال: إنه مجنون. فقلت: أنت مجنون أو هو؟ قال: لا بل هو، لأني صليت الظهر و العصر في جماعة و هو لم يصلّ جماعة و لا فرادى. و هو مع هذا قد شرب الخمر و أنا لم أشربها. قلت: فهل قلت في هذا شيئا؟ قال: نعم، ثم أنشأ يقول:

تركت النبيذ لأهل النبيذ* * * و أصبحت أشرب ماء قراحا

لأن النبيذ يذل العزيز* * * و يكسو السواد الوجوه الصباحا

فإن كان ذا جائزا للشباب‌* * * فما العذر منه إذا الشيب لاحا

قال الأصمعي: فقلت له: صدقت، أنت العاقل و هو المجنون.

و عبيدة بن حميد بن صهيب، أبو عبد الرحمن التميمي الكوفي، مؤدب الأمين. روى عن الأعمش و غيره، و عنه أحمد بن حنبل. و كان يثني عليه. و فيها توفي:

يحيى بن خالد بن برمك‌

أبو علي الوزير والد جعفر البرمكي، ضم إليه المهدي ولده الرشيد فرباه، و أرضعته امرأته مع الفضل بن يحيى، فلما ولي الرشيد عرف له حقه، و كان يقول: قال أبي، قال أبي. و فوض إليه أمور الخلافة و أزمتها، و لم يزل كذلك حتى نكبت البرامكة فقتل جعفر و خلد أباه يحيى في الحبس حتى مات في هذه السنة. و كان كريما فصيحا، ذا رأي سديد، يظهر من أموره خير و صلاح. قال يوما لولده:

خذوا من كل شي‌ء طرفا، فإن من جهل شيئا عاداه. و قال لأولاده: اكتبوا أحسن ما تسمعون، و احفظوا أحسن ما تكتبون، و تحدثوا بأحسن ما تحفظون. و كان يقول لهم: إذا أقبلت الدنيا فأنفقوا منها فإنّها لا تبقى، و إذا أدبرت فأنفقوا منها فإنّها لا تبقى، و كان إذا سأله سائل في الطريق و هو راكب أقل ما يأمر له بمائتي درهم فقال رجل يوما:

يا سمي الحصور [1] يحيى‌* * * أتيحت لك من فضل ربنا جنتان‌

كل من مرّ في الطريق عليكم‌* * * فله من نوالكم مائتان‌

مائتا درهم لمثلي قليل‌* * * هي [2] للفارس العجلان‌

فقال: صدقت. و أمر فسبق به إلى الدار، فلما رجع سأل عنه فإذا هو قد تزوج و هو يريد أن يدخل على أهله فأعطاه صداقها أربعة آلاف، و عن دار أربعة آلاف، و عن الأمتعة أربعة آلاف.

و كلفة الدخول أربعة آلاف، و أربعة آلاف يستظهر بها. و جاء رجل يوما فسأله شيئا فقال: ويحك لقد جئتني في وقت لا أملك فيه مالا، و قد بعث إليّ صاحب لي يطلب مني أن يهدي إليّ ما أحب، و قد بلغني أنك تريد أن تبيع جارية لك، و أنك قد أعطيت فيها ثلاثة آلاف دينار، و إني سأطلبها فلا تبعها منه بأقل من ثلاثين ألف دينار. فجاءوني فبلغوا معي بالمساومة إلى عشرين ألف دينار، فلما سمعتها ضعف قلبي عن ردها، و أجبت إلى بيعها، فأخذها و أخذت العشرين ألف دينار. فأهداها إلى يحيى، فلما اجتمعت بيحيى قال: بكم بعتها؟ قلت: بعشرين ألف دينار. قال: إنك لخسيس خذ جاريتك إليك و قد بعث إلى صاحب فارس يطلب مني أن أستهديه شيئا، و إني سأطلبها منه فلا تبعها بأقل من خمسين ألف دينار. فجاءوني فوصلوا في ثمنها إلى ثلاثين ألف دينار، فبعتها منهم. فلما جئته لامني أيضا


[1] الحصور: الّذي لم يتزوّج، و يحيى المشار إليه هنا هو يحيى بن زكريا.

[2] في وفيات الأعيان 6/ 223: هي منكم للقابس.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست