responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 199

فانزلتهن في مسجد مهجور ثم قصدت مسجدا مأهولا أصلي فيه. فدخلت مسجدا فيه جماعة لم أر أحسن وجوها منهم، فجلست إليهم فجعلت أدبر في نفسي كلاما أطلب به منهم قوتا للعيال الذين معي، فيمنعني من ذلك السؤال الحياء، فبينا أنا كذلك إذا بخادم قد أقبل فدعاهم فقاموا كلهم و قمت معهم، فدخلوا دارا عظيمة، فإذا الوزير يحيى بن خالد جالس فيها فجلسوا حوله، فعقد عقد ابنته عائشة على ابن عم له و نثروا فلق المسك و بنادق العنبر، ثم جاء الخدم إلى كل واحد من الجماعة بصينية من فضة فيها ألف دينار، و معها فتات المسك، فأخذها القوم و نهضوا و بقيت أنا جالسا، و بين يدي الصينية التي وضعوها لي، و أنا أهاب أن آخذها من عظمتها في نفسي، فقال لي بعض الحاضرين: ألا تأخذها و تذهب؟ فمددت يدي فأخذتها فأفرغت ذهبها في جيبي و أخذت الصينية تحت إبطي و قمت، و أنا خائف أن تؤخذ مني، فجعلت أتلفت و الوزير ينظر إليّ و أنا لا أشعر، فلما بلغت الستارة أمرهم فردوني فيئست من المال، فلما رجعت قال لي: ما شأنك خائف؟

فقصصت عليه خبري، فبكى ثم قال لأولاده: خذوا هذا فضموه إليكم. فجاءني خادم فأخذ مني الصينية و الذهب و أقمت عندهم عشرة أيام من ولد إلى ولد، و خاطري كله عند عيالي، و لا يمكنني الانصراف، فلما انقضت العشرة الأيام جاءني خادم فقال: ألا تذهب إلى عيالك؟ فقلت: بلى و اللَّه، فقام يمشي أمامي و لم يعطني الذهب و الصينية، فقلت: يا ليت هذا كان قبل أن يؤخذ مني الصينية و الذهب، يا ليت عيالي رأوا ذلك. فسار يمشي أمامي إلى دار لم أر أحسن منها، فدخلتها فإذا عيالي يتمرغون في الذهب و الحرير فيها، و قد بعثوا إلى الدار مائة ألف درهم و عشرة آلاف دينار، و كتابا فيه تمليك الدار بما فيها، و كتابا آخر فيه تمليك قريتين جليلتين، فكنت مع البرامكة في أطيب عيش، فلما أصيبوا أخذ مني عمرو بن مسعدة القريتين و ألزمني بخراجهما، فكلما لحقتني فاقة قصدت دورهم و قبورهم فبكيت عليهم. فأمر المأمون برد القريتين، فبكى الشيخ بكاء شديدا فقال المأمون: ما لك؟ أ لم استأنف بك جميلا؟ قال: بلى! و لكن هو من بركة البرامكة. فقال له المأمون:

امض مصاحبا فإن الوفاء مبارك، و مراعاة حسن العهد و الصحبة من الايمان. و فيها توفي:

الفضيل بن عياض‌

أبو علي التميمي أحد أئمة العباد الزهاد، و هو أحد العلماء و الأولياء، ولد بخراسان بكورة دينور [1] و قدم الكوفة و هو كبير، فسمع بها الأعمش و منصور بن المعتمر و عطاء بن السائب و حصين بن عبد الرحمن و غيرهم. ثم انتقل إلى مكة فتعبد بها، و كان حسن التلاوة كثير الصلاة و الصيام، و كان سيدا جليلا ثقة من أئمة الرواية (رحمه اللَّه) و رضي عنه. و له مع الرشيد قصة طويلة.

و قد روينا ذلك مطولا في كيفية دخول الرشيد عليه منزله، و ما قال له الفضيل بن عياض، و عرض‌


[1] قال ابن سعد: ولد بخراسان. و في تذكرة الحفاظ 1/ 246 و ابن الأثير 6/ 189: ولد بسمرقند و نشأ بأبيورد و في صفة الصفوة 2/ 237: ولد بخراسان بكورة أبيورد. و انظر مروج الذهب 3/ 434 و وفيات الأعيان 4/ 49.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست