و قد كان مقتل جعفر ليلة السبت مستهل صفر من سنة سبع و ثمانين و مائة، و كان عمره سبعا و ثلاثين سنة، و مكث وزيرا سبع عشرة سنة. و قد دخلت عبادة أم جعفر على أناس في يوم عيد أضحى تستمنحهم جلد كبش تدفأ به، فسألوها عن ما كانت فيه من النعمة فقالت: لقد أصبحت في مثل هذا اليوم و إن على رأسي أربعمائة وصيفة، و أقول إن ابني جعفرا عاق لي. و روى الخطيب البغدادي باسناده أن سفيان بن عيينة لما بلغه قتل الرشيد جعفرا و ما أحل بالبرامكة، استقبل القبلة و قال: اللَّهمّ إن جعفرا كان قد كفاني مؤنة الدنيا فاكفه مؤنة الآخرة.
حكاية غريبة
ذكر ابن الجوزي في المنتظم أن المأمون بلغه أن رجلا يأتي كل يوم إلى قبور البرامكة فيبكي عليهم و يندبهم، فبعث من جاء به فدخل عليه و قد يئس من الحياة، فقال له: ويحك! ما يحملك على صنيعك هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنهم أسدوا إليّ معروفا و خيرا كثيرا. فقال: و ما الّذي أسدوه إليك؟ فقال: أنا المنذر بن المغيرة من أهل دمشق، كنت بدمشق في نعمة عظيمة واسعة، فزالت عني حتى أفضى بي الحال إلى أن بعت داري، ثم لم يبق لي شيء، فأشار بعض أصحابي عليّ بقصد البرامكة ببغداد، فأتيت أهلي و تحملت بعيالي، فأتيت بغداد و معي نيف و عشرون امرأة
[1] الرواية في وفيات الأعيان 1/ 339 و العقد الفريد 1/ 22 و ذكر أن صاحب الرواية هو يحيى بن خالد.
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 198