responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 196

فان تولّت فأحرى أن تجود بها* * * فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف‌

قال الخطيب: و لقد كان جعفر من علوّ القدر و نفاذ الأمر و عظم المحل و جلالة المنزلة عند الرشيد على حالة انفرد بها، و لم يشاركه فيها أحد. و كان سمح الأخلاق طلق الوجه ظاهر البشر.

أما جوده و سخاؤه و بذله و عطاؤه فأشهر من أن يذكر. و كان أيضا من ذوي الفصاحة و المذكورين بالبلاغة.

و روى ابن عساكر عن مهذب حاجب العباس بن محمد صاحب قطيعة العباس و العباسية أنه أصابته فاقة و ضائقة، و كان عليه ديون، فألحّ عليه المطالبون و عنده سفط فيه جواهر شراؤه عليه ألف ألف، فأتى به جعفرا فعرضه عليه و أخبره بما هو عليه من الثمن، و أخبره بإلحاح المطالبين بديونهم، و أنه لم يبق له سوى هذا السفط. فقال: قد اشتريته منك بألف ألف ثم أقبضه المال و قبض السفط منه، و كان ذلك ليلا. ثم أمر من ذهب بالمال إلى منزله و أجلسه معه في السمر تلك الليلة، فلما رجع إلى منزله إذا السفط قد سبقه إلى منزله أيضا. قال فلما أصبحت غدوت إلى جعفر لأتشكر له فوجدته مع أخيه الفضل على باب الرشيد يستأذنان عليه، فقال له جعفر: إني قد ذكرت أمرك للفضل، و قد أمر لك بألف ألف، و ما أظنها إلا قد سبقتك إلى منزلك، و سأفاوض فيك أمير المؤمنين. فلما دخل ذكر له أمره و ما لحقه من الديون فأمر له بثلاثمائة ألف دينار.

و كان جعفر ليلة في سمره عند بعض أصحابه [1] فجاءت الخنفساء فركبت ثياب الرجل فألقاها عنه جعفر و قال: إن الناس يقولون: من قصدته الخنفساء يبشر بمال يصيبه. فأمر له جعفر بألف دينار. ثم عادت الخنفساء، فرجعت إلى الرجل فأمر له بألف دينار أخرى.

و حج مرة مع الرشيد فلما كانوا بالمدينة قال لرجل من أصحابه: انظر جارية أشتريها تكون فائقة في الجمال و الغناء و الدعابة، ففتش الرجل فوجد جارية على النعت فطلب سيدها فيها مالا كثيرا على أن يراها جعفر، فذهب جعفر إلى منزل سيدها فلما رآها أعجب بها، فلما غنته أعجبته أكثر، فساومه صاحبها فيها، فقال له جعفر: قد أحضرنا مالا فإن أعجبك و إلا زدناك، فقال لها سيدها:

إني كنت في نعمة و كنت عندي في غاية السرور، و إنه قد انقبض عليّ حالي، و إني قد أحببت أن أبيعك لهذا الملك، لكي تكوني عنده كما كنت عندي. فقالت له الجارية: و اللَّه يا سيدي لو ملكت منك كما ملكت مني لم أبعك بالدنيا و ما فيها، و أين ما كنت عاهدتني أن لا تبيعني و لا تأكل من ثمني.

فقال سيدها لجعفر و أصحابه: أشهدكم أنها حرة لوجه اللَّه، و أني قد تزوجتها. فلما قال ذلك نهض جعفر و قام أصحابه و أمروا الحمال أن يحمل المال. فقال جعفر: و اللَّه لا يتبعني، و قال للرجل: قد


[1] الرواية في ابن خلكان و ذكر: أنه كان عنده أبو عبيد الثقفي ... و ذكر تمام الرواية 1/ 331.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست