نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 195
بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم. قد قرأت كتابك يا بن الكافرة، و الجواب ما تراه دون ما تسمعه و السلام. ثم شخص من فوره و سار حتى نزل بباب هرقلة ففتحها و اصطفى ابنة ملكها، و غنم من الأموال شيئا كثيرا، و خرب و أحرق، فطلب نقفور منه الموادعة على خراج يؤديه إليه في كل سنة، فأجابه الرشيد إلى ذلك. فلما رجع من غزوته و صار بالرقة نقض الكافر العهد و خان الميثاق، و كان البرد قد اشتد جدا، فلم يقدر أحد أن يجيء فيخبر الرشيد بذلك لخوفهم على أنفسهم من البرد، حتى يخرج فصل الشتاء. و حج بالناس فيها عبد اللَّه [1] بن عباس بن محمد بن علي.
ذكر من توفي فيها من الأعيان
جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك
أبو الفضل البرمكي الوزير ابن الوزير، ولاه الرشيد الشام و غيرها من البلاد، و بعثه إلى دمشق لما ثارت الفتنة العشيران بحوران بين قيس و يمن، و كان ذلك أول نار ظهرت بين قيس و يمن في بلاد الإسلام، كان خامدا من زمن الجاهلية فأثاروه في هذا الأوان، فلما قدم جعفر بجيشه خمدت الشرور و ظهر السرور، و قيلت في ذلك أشعار حسان، قد ذكر ذلك ابن عساكر في ترجمة جعفر من تاريخه منها:-
لقد أوقدت في الشام نيران فتنة* * * فهذا أوان الشام تخمد نارها
إذا جاش موج البحر من آل برمك* * * عليها خبت شهبانها و شرارها
رماها أمير المؤمنين بجعفر* * * و فيه تلاقى صدعها و انجبارها
هو الملك المأمول للبر و التقى* * * و صولاته لا يستطاع خطارها
و هي قصيدة طويلة [2]، و كانت له فصاحة و بلاغة و ذكاء و كرم زائد، كان أبوه قد ضمه إلى القاضي أبي يوسف فتفقه عليه، و صار له اختصاص بالرشيد، و قد وقّع ليلة بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع، و لم يخرج في شيء منها عن موجب الفقه.
و قد روى الحديث عن أبيه، عن عبد الحميد الكاتب، عن عبد الملك بن مروان كاتب عثمان، عن زيد بن ثابت كاتب الوحي. قال قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): «إذا كتبت بسم اللَّه الرحمن الرحيم فبين السين فيه». رواه الخطيب و ابن عساكر من طريق أبي القاسم الكعبي المتكلم،
و اسمه عبد اللَّه بن أحمد البلخي- و قد كان كاتبا لأحمد بن زيد- عن أبيه عن عبد اللَّه بن طاهر عن طاهر بن الحسين بن زريق، عن الفضل بن سهل ذي الرئاستين عن جعفر بن يحيى به. و قال عمرو بن بحر الجاحظ قال جعفر للرشيد: يا أمير المؤمنين! قال لي أبي يحيى: إذا أقبلت الدنيا عليك فأعط، و إذا أدبرت فأعط، فإنّها لا تبقى، و أنشدني أبي:
لا تبخلنّ بدنيا و هي مقبلة* * * فليس ينقصها التبذير و السرف
[1] في الطبري 10/ 94: عبيد اللَّه. و في مروج الذهب 4/ 455 كالأصل. و قال: و قيل منصور بن المهدي.
[2] نسب القصيدة الطبري إلى منصور النمري (10/ 66- 67).
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 195