responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 194

و بعد مقتل البرامكة قتل الرشيد إبراهيم بن عثمان بن نهيك، و ذلك أنه حزن على البرامكة، و لا سيما على جعفر، كان يكثر البكاء عليهم، ثم خرج من حيز البكاء إلى حيز الانتصار لهم و الأخذ بثأرهم، و كان إذا شرب في منزله يقول لجاريته: ائتني بسيفي، فيسله ثم يقول: و اللَّه لأقتلن قاتله، فأكثر أن يقول ذلك، فخشي ابنه عثمان أن يطلع الخليفة على ذلك فيهلكهم عن آخرهم، و رأى أن أباه لا ينزع عن هذا، فذهب إلى الفضل بن الربيع فأعلمه، فأخبر الفضل الخليفة، فاستدعى به فاستخبره فأخبره، فقال: من يشهد معك عليه؟ فقال: فلان الخادم فجاء به فشهد، فقال الرشيد: لا يحل قتل أمير كبير بمجرد قول غلام و خصي، لعلهما قد تواطئا على ذلك. فأحضره الرشيد معه على الشراب ثم خلا به فقال: ويحك يا إبراهيم! إن عندي سرا أحب أن أطلعك عليه، أقلقني في الليل و النهار. قال: و ما هو؟ قال: إني ندمت على قتل البرامكة و وددت أني خرجت من نصف ملكي و نصف عمري و لم أكن فعلت بهم ما فعلت، فإنّي لم أجد بعدهم لذة و لا راحة. فقال:

رحمة اللَّه على أبي الفضل- يعني جعفرا- و بكى، و قال: و اللَّه يا سيدي لقد أخطأت في قتله. فقال له: قم لعنك اللَّه، ثم حبسه ثم قتله بعد ثلاثة أيام. و سلم أهله و ولده.

و في هذه السنة غضب الرشيد على عبد الملك بن صالح بسبب أنه بلغه أنه يريد الخلافة، و اشتد غضبه بسببه على البرامكة الذين هم في الحبوس، ثم سجنه فلم يزل في السجن حتى مات الرشيد فأخرجه الأمين و عقد له على نيابة الشام. و فيها ثارت العصبية بالشام بين المضرية و النزارية، فبعث إليهم الرشيد محمد بن منصور بن زياد فأصلح بينهم.

و فيها كانت زلزلة عظيمة بالمصيصة فانهدم بعض سورها و نضب ماؤها ساعة من الليل. و فيها بعث الرشيد ولده القاسم على الصائفة، و جعله قربانا و وسيلة بين يديه، و ولاه العواصم، فسار إلى بلاد الروم فحاصرهم حتى افتدوا بخلق من الأسارى يطلقونهم و يرجع عنهم، ففعل ذلك. و فيها نقضت الروم الصلح الّذي كان بينهم و بين المسلمين، الّذي كان عقده الرشيد بينه و بين رني ملكة الروم الملقبة أغسطه. و ذلك أن الروم عزلوها عنهم و ملكوا عليهم النقفور، و كان شجاعا، يقال إنه من سلالة آل جفنة، فخلعوا رني و سملوا عينيها. فكتب نقفور إلى الرشيد: من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، و أقامت نفسها مقام البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقا بحمل أمثاله [1] إليها، و ذلك من ضعف النساء و حمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فاردد إليّ ما حملته إليك من الأموال و افتد نفسك به، و إلا فالسيف بيننا و بينك. فلما قرأ هارون الرشيد كتابه أخذه الغضب الشديد حتى لم يتمكن أحد أن ينظر إليه، و لا يستطيع مخاطبته، و أشفق عليه جلساؤه خوفا منه، ثم استدعى بدواة و كتب على ظهر الكتاب:


[1] في ابن الأثير 6/ 185: أضعافها.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست