responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 193

و ما هي إلّا دولة بعد دولة* * * تخوّل ذا نعمى و تعقب ذا بلوى‌

إذا أنزلت هذا منازل رفعة* * * من الملك حطت ذا إلى الغاية القصوى‌

قال: ثم حركت حمارها فذهبت فكأنها كانت ريحا لا أثر لها، و لا يعرف أين ذهبت.

و ذكر ابن الجوزي أن جعفرا كان له جارية يقال لها فتينة مغنية، لم يكن لها في الدنيا نظير، كان مشتراها عليه بمن معها من الجواري مائة ألف دينار، فطلبها منه الرشيد فامتنع من ذلك، فلما قتله الرشيد اصطفى تلك الجارية فأحضرها ليلة في مجلس شرابه و عنده جماعة من جلسائه و سمّاره، فأمر من معها أن يغنين فاندفعت كل واحدة تغني، حتى انتهت النوبة إلى فتينة، فأمرها بالغناء فأسبلت دمعها و قالت: أما بعد السادة فلا. فغضب الرشيد غضبا شديدا، و أمر بعض الحاضرين أن يأخذها إليه فقد وهبها له، ثم لما أراد الانصراف قال له فيما بينه و بينه: لا تطأها. ففهم أنه إنما يريد بذلك كسرها. فلما كان بعد ذلك أحضرها و أظهر أنه قد رضي عنها و أمرها بالغناء فامتنعت و أرسلت دمعها و قالت: أما بعد السادة فلا. فغضب الرشيد أشد من غضبه في المرة الأولى و قال: النطع و السيف، و جاء السياف فوقف على رأسها فقال له الرشيد: إذا أمرتك ثلاثا و عقدت أصابعي ثلاثا فاضرب. ثم قال لها غن: فبكت و قالت: أما بعد السادة فلا. فعقد إصبعه الخنصر، ثم أمرها الثانية فامتنعت، فعقد اثنتين، فارتعد الحاضرون و أشفقوا غاية الإشفاق و أقبلوا عليها يسألونها أن تغني لئلا تقتل نفسها، و أن تجيب أمير المؤمنين إلى ما يريد. ثم أمرها الثالثة فاندفعت تغني كارهة:

لما رأيت الدّنيا قد درست‌* * * أيقنت أن النعيم لم يعد

قال فوثب إليها الرشيد و أخذ العود من يدها و أقبل يضرب به وجهها و رأسها حتى تكسر، و أقبلت الدماء و تطايرت الجوار من حولها، و حملت من بين يديه فماتت بعد ثلاث.

و روي أن الرشيد كان يقول: لعن اللَّه من أغراني بالبرامكة، فما وجدت بعدهم لذة و لا راحة و لا رجاء، وددت و اللَّه أني شطرت نصف عمري و ملكي و أني تركتهم على حالهم.

و حكى ابن أن جعفرا اشترى جارية من رجل بأربعين ألف دينار، فالتفتت إلى بائعها و قالت: اذكر العهد الّذي بيني و بينك، لا تأكل من ثمني شيئا. فبكى سيدها و قال: اشهدوا أنها حرة، و أني قد تزوجتها. فقال جعفر: أشهدوا أن الثمن له أيضا. و كتب إلى نائب له: أما بعد فقد كثر شاكوك، و قلّ شاكروك، فأما أن تعدل، و إما تعتزل. و من أحسن ما وقع منه من التلطف في إزالة هم الرشيد، و قد دخل عليه منجم يهودي فأخبره أنه سيموت في هذه السنة، فحمل الرشيد هما عظيما، فدخل عليه جعفر فسأله: ما الخبر؟ فأخبره بقول اليهودي فاستدعى جعفر اليهودي فقال له: كم بقي لك من العمر؟ فذكر مدة طويلة. فقال: يا أمير المؤمنين اقتله حتى تعلم كذبه فيما أخبر عن عمره. فأمر الرشيد باليهودي فقتل، و سرى عن الرشيد الّذي كان فيه.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست