responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 191

قدميه و يدخل عليه أن يمكنه فيدخل إلى أهله فيوصي إليهم و يودعهم، فقال: أما الدخول فلا سبيل إليه، و لكن أوص. فأوصى و أعتق جميع مماليكه أو جماعة منهم، و جاءت رسل الرشيد تستحثه فأخرج إخراجا عنيفا، فجعلوا يقودونه حتى أتوا به المنزل الّذي فيه الرشيد، فحبسه و قيده بقيد حمار، و أعلموا الرشيد بما كان يفعل، فأمر بضرب عنقه، فجاء السياف إلى جعفر فقال: إن أمير المؤمنين قد أمرني أن آتيه برأسك. فقال: يا أبا هاشم لعل أمير المؤمنين سكران، فإذا صحا عاتبك فيّ، فعاوده. فرجع إلى الرشيد فقال: إنه يقول: لعلك مشغول. فقال: يا ماص بظر أمه ائتني برأسه. فكرر عليه جعفر المقالة فقال الرشيد في الثالثة: برئت من المهدي إن لم تأتني برأسه لأبعثن من يأتيني برأسك و رأسه. فرجع إلى جعفر فحز رأسه و أتى به إلى الرشيد فألقاه بين يديه، و أرسل الرشيد من ليلته البرد بالاحتياط على البرامكة جميعهم ببغداد و غيرها،، و من كان منهم بسبيل.

فأخذوا كلهم عن آخرهم. فلم يفلت منهم أحد. و حبس يحيى بن خالد في منزله، و حبس الفضل بن يحيى في منزل آخر و أخذ جميع ما كانوا يملكونه من الدنيا، و بعث الرشيد برأس جعفر و جثته فنصب الرأس عند الجسر الأعلى، و شقت الجثة باثنتين فنصب نصفها الواحد عند الجسر الأسفل، و الآخر عند الجسر الآخر، ثم أحرقت بعد ذلك. و نودي في بغداد: أن لا أمان للبرامكة و لا لمن آواهم، إلا محمد بن يحيى بن خالد فإنه مستثنى منهم لنصحه للخليفة. و أتي الرشيد بأنس بن أبي شيخ كان يتهم بالزندقة، و كان مصاحبا لجعفر، فدار بينه و بين الرشيد كلام، ثم أخرج الرشيد من تحت فراشه سيفا و أمر بضرب عنقه به [1]. و جعل يتمثل ببيت قيل في قتل أنس قبل ذلك [2]:

تلمظ السيف من شوق إلى أنس [3]* * * فالسيف يلحظ و الأقدار تنتظر

فضربت عنق أنس فسبق السيف الدم فقال الرشيد: رحم اللَّه عبد اللَّه بن مصعب، فقال الناس: إن السيف كان للزبير بن العوام. ثم شحنت السجون بالبرامكة و استلبت أموالهم كلها، و زالت عنهم النعمة. و قد كان الرشيد في اليوم الّذي قتل جعفرا في آخره، هو و إياه راكبين في الصيد في أوله، و قد خلا به دون ولاة العهود، و طيبه في ذلك بالغالية بيده، فلما كان وقت المغرب ودعه الرشيد و ضمه إليه و قال: لو لا أن الليلة ليلة خلوتي بالنساء ما فارقتك، فاذهب إلى منزلك و اشرب و اطرب و طب عيشا حتى تكون على مثل حالي، فأكون أنا و أنت في اللذة سواء. فقال: و اللَّه يا أمير


[1] تولى قتله- في رواية للطبري- إبراهيم بن عثمان بن نهيك.

[2] نسبه ابن الأعثم لأبي كبير الهذلي، و البيت ليس في ديوان الهذليين.

[3] في ابن الأعثم 8/ 277: إلى النفس.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست