responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 18

العقوبة البليغة، كسر قدميه ثم ساقيه ثم فخذيه، ثم صدره، فمات و لا يتكلم كلمة واحدة، و لا تأوه حتى خرجت روحه (رحمه اللَّه).

قال الليثي عن أبيه: خطب خالد القسري يوما فأرتج عليه فقال: أيها الناس! إن هذا الكلام يجي‌ء أحيانا و يعزب أحيانا، فيتسبب عند مجيئه سببه و يتعذر عند عزوبه مطلبه، و قد يرد إلى السليط بيانه و يثيب إلى الحصر كلامه، و سيعود إلينا ما تحبون، و نعود لكم كما تريدون. و قال الأصمعي و غيره: خطب خالد القسري يوما بواسط فقال: يا أيها الناس تنافسوا في المكارم و سارعوا إلى المغانم و اشتروا الحمد بالجود، و لا تكتسبوا بالمطل ذما، و لا تعتدّوا بمعروف لم تعجلوه، و مهما تكن لأحد منكم نعمة عند أحد لم يبلغ شكرها فاللَّه أحسن له جزاء، و أجزل عطاء، و اعلموا أن حوائج الناس إليكم نعم فلا تملوها فتحول نقما، فان أفضل المال ما كسب أجرا و أورث ذكرا، و لو رأيتم المعروف لرأيتموه رجلا حسنا جميلا يسر الناس إذا نظروا إليه، و يفوق العالمين. و لو رأيتم البخل لرأيتموه رجلا مشوها قبيحا تنفر منه القلوب و تغض دونه الأبصار. إنه من جاد ساد، و من بخل ذل، و أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، و من عفا عن قدرة، و أفضل الناس من وصل عن قطيعة، و من لم يطب حرثه لم يزك نبته، و الفروع عند مغارسها تنمو، و بأصولها تسمو. و روى الأصمعي عن عمر ابن الهيثم أن أعرابيا قدم على خالد فأنشده قصيدة امتدحه بها يقول فيها:

إليك ابن كرز الخير أقبلت راغبا* * * لتجبر منى ما وها و تبدّدا

إلى الماجد البهلول ذي الحلم و الندى‌* * * و أكرم خلق اللَّه فرعا و محتدا

إذا ما أناس قصروا بفعالهم‌* * * نهضت فلم تلقى هنالك مفقدا

فيا لك بحرا يغمر الناس موجه‌* * * إذا يسأل المعروف جاش و أزبدا

بلوت ابن عبد اللَّه في كل موطن‌* * * فألفيت خير الناس نفسا و أمجدا

فلو كان في الدنيا من الناس خالد* * * لجود بمعروف لكنت مخلدا

فلا تحرمني منك ما قد رجوته‌* * * فيصبح وجهي كالح اللون أربدا

قال: فحفظها خالد، فلما اجتمع الناس عند خالد قام الأعرابي ينشدها فابتدره إليها خالد فأنشدها قبله، و قال: أيها الشيخ إن هذا شعر قد سبقناك إليه. فنهض الشيخ فولى ذاهبا فأتبعه خالد من يسمع ما يقول فإذا هو ينشد هذه الأبيات.

ألا في سبيل اللَّه ما كنت أرتجي‌* * * لديه و ما لاقيت من نكد الجهد

دخلت على بحر يجود بماله‌* * * و يعطى كثير المال في طلب الحمد

فخالفني الجد المشوم لشقوتي‌* * * و قاربنى نحسى و فارقنى سعدى‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست