responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 178

سفيان بن عيينة: نظرت في أمره و أمر الصحابة فما رأيتهم يفضلون عليه إلا في صحبتهم رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم). و قال إسماعيل بن عياش: ما على وجه الأرض مثله، و ما أعلم خصلة من الخير إلا و قد جعلها اللَّه في. ابن المبارك، و لقد حدثني أصحابى أنهم صحبوه من مصر إلى مكة فكان يطعمهم الخبيص و هو الدهر صائم. و قد مرة الرقة و بها هارون الرشيد، فلما دخلها احتفل الناس به و ازدحم الناس حوله، فأشرفت أم ولد للرشيد من قصر هناك فقالت: ما للناس؟ فقيل لها: قدم رجل من علماء خراسان يقال له عبد اللَّه بن المبارك فانجفل الناس إليه. فقالت المرأة: هذا هو الملك، لا ملك هارون الرشيد الّذي يجمع الناس عليه بالسوط و العصا و الرغبة و الرهبة.

و خرج مرة إلى الحج فاجتاز ببعض البلاد فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، و سار أصحابه أمامه و تخلف هو وراءهم، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها فأخذت ذلك الطائر الميت ثم لفته ثم أسرعت به إلى الدار، فجاء فسألها عن أمرها و أخذها الميتة، فقالت:

أنا و أخى هنا ليس لنا شي‌ء إلا هذا الازار، و ليس لنا قوت إلا ما يلقى على هذه المزبلة، و قد حلت لنا الميتة منذ أيام، و كان أبونا له مال فظلم و أخذ ماله و قتل. فأمر ابن المبارك برد الأحمال و قال لوكيله:

كم معك من النفقة؟ قال: ألف دينار. فقال: عد منها عشرين دينارا تكفينا إلى مرو و أعطها الباقي. فهذا أفضل من حجنا في هذا العام، ثم رجع.

و كان إذا عزم على الحج يقول لأصحابه: من عزم منكم في هذا العام على الحج فليأتني بنفقته حتى أكون أنا أنفق عليه، فكان يأخذ منهم نفقاتهم، و يكتب على كل صرة اسم صاحبها و يجمعها في صندوق، ثم يخرج بهم في أوسع ما يكون من النفقات و الركوب، و حسن الخلق و التيسير عليهم، فإذا قضوا حجتهم فيقول لهم: هل أوصاكم أهلوكم بهدية، فيشترى لكل واحد منهم ما وصاه أهله من الهدايا المكية و اليمنية و غيرها، فإذا جاءوا إلى المدينة اشترى لهم منها الهدايا المدنية، فإذا رجعوا إلى بلادهم بعث من أثناء الطريق إلى بيوتهم فأصلحت و بيضت أبوابها و رمم شعثها، فإذا وصلوا إلى البلد عمل وليمة بعد قدومهم و دعاهم فأكلوا و كساهم، ثم دعا بذلك الصندوق ففتحه و أخرج منه تلك الصرر ثم يقسم عليهم أن يأخذ كل واحد نفقته التي عليها اسمه، فيأخذونها و ينصرفون إلى منازلهم و هم شاكرون ناشرون لواء الثناء الجميل. و كانت سفرته تحمل على بعير وحدها، و فيها من أنواع المأكول من اللحم و الدجاج و الحلوى و غير ذلك، ثم يطعم الناس و هو الدهر صائم في الحر الشديد.

و سأله مرة سائل فأعطاه درهما فقال له بعض أصحابه: إن هؤلاء يأكلون الشواء و الفالوذج، و قد كان يكفيه قطعة. فقال: و اللَّه ما ظننت أنه يأكل إلا البقل و الخبز، فأما إذا كان يأكل الفالوذج و الشواء فإنه لا يكفيه درهم. ثم أمر بعض غلمانه فقال: رده و ادفع إليه عشرة دراهم. و فضائله و مناقبه كثيرة جدا.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست