نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 172
مضى منها إلى أرمينية فكان من أمره ما سنذكره. و فيها سار الفضل بن يحيى إلى خراسان فأحسن السيرة فيها و بنى فيها الربط و المساجد، و غزا ما وراء النهر، و اتخذ بها جندا من العجم سماهم العباسية، و جعل ولاءهم له، و كانوا نحوا من خمسمائة ألف، و بعث منهم نحوا من عشرين ألفا إلى بغداد، فكانوا يعرفون بها بالكرمينية، و في ذلك يقول مروان بن أبى حفصة:
ما الفضل إلا شهاب لا أفول له* * * عند الحروب إذا ما تأفل الشهب
حام على ملك قوم غرّ سهمهم* * * من الوراثة في أيديهم سبب
أمست يد لبني ساقى الحجيج بها* * * كتائب ما لها في غيرهم أرب
كتائب لبني العباس قد عرفت* * * ما ألّف الفضل منها العجم و العرب
أثبت خمس مئين في عدادهم* * * من الألوف التي أحصت لها الكتب
يقارعون عن القوم الذين هم* * * أولى بأحمد في الفرقان إن نسبوا
إن الجواد ابن يحيى الفضل لاورق* * * يبقى على جود كفيه و لا ذهب
ما مر يوم له مذ شد مئزره* * * إلا تمول أقوام بما يهب
كم غاية في الندى و البأس أحرزها* * * للطالبين مداها دونها تعب
يعطى النهى حين لا يعطى الجواد و لا* * * ينبو إذا سلت الهندية القضب
و لا الرضى و الرضى للَّه غايته* * * إلى سوى الحق يدعوه و لا الغضب
قد فاض عرفك حتى ما يعادله* * * غيث مغيث و لا بحر له حدب
و كان قد أنشده قبل خروجه إلى خراسان:
أ لم تر أن الجود من يد آدم* * * تحدر حتى صار في راحة الفضل
إذا ما أبو العباس سحت سماؤه* * * فيا لك من هطل و يا لك من و بل
و قال فيه أيضا:
إذا أم طفل راعها جوع طفلها* * * دعته باسم الفضل فاعتصم الطفل
ليحيى بك الإسلام إنك عزه* * * و إنك من قوم صغيرهم كهل
قال فأمر له بمائة ألف درهم. ذكره ابن جرير. و قال سلم الخاسر فيهم أيضا:
و كيف تخاف من بؤس بدار* * * يجاورها [1] البرامكة البحور
و قوم منهم الفضل بن يحيى* * * نفير ما يوازنه نفير
له يومان يوم ندي و بأس* * * كأن الدهر بينهما أسير