responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 170

كان شاعرا. و هو إبراهيم بن على بن سلمة بن عامر بن هرمة أبو إسحاق الفهري المدني، وفد على المنصور في وفد أهل المدينة حين استوفدهم عليه، فجلسوا إلى ستر دون المنصور، يرى الناس من ورائه و لا يرونه، و أبو الخصيب الحاجب واقف يقول: يا أمير المؤمنين هذا فلان الخطيب، فيأمره فيخطب، و يقول: هذا فلان الشاعر فيأمره فينشد. حتى كان من آخرهم ابن هرمة هذا، فسمعته يقول: لا مرحبا و لا أهلا و لا أنعم اللَّه بك عينا. قال: فقلت: هلكت، ثم استنشدنى فأنشدته قصيدتي التي أقول فيها:

سرى ثوبه عند الصبا المتخايل [1]* * * و قرب للبين الخليط المزايل‌

حتى انتهيت إلى قولي:

فأما الّذي أمنته يأمن الردى‌* * * و أما الّذي حاولت بالثكل ثاكل‌

قال: فأمر برفع الحجاب فإذا وجهه كأنه فلقة قمر، فاستنشدنى بقية القصيدة و أمر لي بالقرب بين يديه، و الجلوس إليه، ثم قال: ويحك يا إبراهيم! لو لا ذنوب بلغتني عنك لفضلتك على أصحابك، فقلت: يا أمير المؤمنين كل ذنب بلغك عنى لم تعف عنه فأنا مقر به. قال: فتناول المخصرة فضربني بها ضربتين و أمر لي بعشرة آلاف و خلعة و عفا عنى و ألحقنى بنظرائى. و كان من جملة ما نقم المنصور عليه قوله:

و مهما ألام على حبهم‌* * * فانى أحب بنى فاطمة

بنى بنت من جاء بالمحكما* * * ت و بالدين و بالسنة القائمة

فلست أبالى بحبي لهم‌* * * سواهم من النعم السائمة

قال الأخفش. قال لنا ثعلب قال الأصمعي: ختمت الشعراء بابن هرمة. ذكر وفاته في هذه السنة أبو الفرج ابن الجوزي. و فيها توفى الجراح بن مليح والد وكيع بن الجراح، و سعيد بن عبد الرحمن ابن عبد اللَّه بن جميل أبو عبد اللَّه المديني، ولى قضاء بغداد سبعة عشر سنة لعسكر المهدي، وثقه ابن معين و غيره. و فيها توفى:

صالح بن بشير المرّي‌

أحد العباد الزهاد، كان كثير البكاء و كان يعظ فيحضر مجلسه سفيان الثوري و غيره من العلماء، و يقول: سفيان هذا نذير قوم، و قد استدعاه المهدي ليحضر عنده فجاء إليه راكبا على حمار فدنا من بساط الخليفة و هو راكب فأمر الخليفة ابنيه- وليي العهد من بعده موسى الهادي و هارون الرشيد- أن يقوما إليه لينزلاه عن دابته، فابتدراه فأنزلاه، فأقبل صالح على نفسه فقال: لقد خبت و خسرت إن أنا داهنت و لم أصدع بالحق في هذا اليوم، و في هذا المقام. ثم جلس إلى المهدي فوعظه موعظة بليغة حتى أبكاه، ثم قال له: اعلم أن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) خصم من خالفه في أمته، و من كان محمد خصمه كان اللَّه خصمه، فأعد لمخاصمة اللَّه و مخاصمة رسوله حججا تضمن لك النجاة، و إلا فاستسلم للهلكة، و اعلم أن أبطأ الصرعى نهضة صريع هوى بدعته، و اعلم أن اللَّه قاهر فوق عباده، و أن أثبت الناس قدما


[1] كذا و لعل فيه تحريفا.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست