نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 168
فيها العصيان. فقال له يحيى: و من أنتم عافاكم اللَّه؟ و إنما هاجر أبوك إلى المدينة بآبائي و آباء هذا.
ثم قال يحيى: يا أمير المؤمنين لقد جاءني هذا حين قتل أخى محمد بن عبد اللَّه فقال: لعن اللَّه قاتله، و أنشدنى فيه نحوا من عشرين بيتا، و قال لي، إن تحركت إلى هذا الأمر فأنا أول من يبايعك، و ما يمنعك أن تلحق بالبصرة و أيدينا معك؟ قال: فتغير وجه الرشيد و وجه الزبيري و أنكر و شرع يحلف بالأيمان المغلظة إنه لكاذب في ذلك، و تحير الرشيد. ثم قال ليحيى: أتحفظ شيئا من المرثية؟ قال: نعم. و أنشده منها جانبا. فازداد الزبيري في الإنكار، فقال له يحيى بن عبد اللَّه:
فقل: إن كنت كاذبا فقد برئت من حول اللَّه و قوته، و وكلني اللَّه إلى حولي و قوتي. فامتنع من الحلف بذلك، فعزم عليه الرشيد و تغيظ عليه، فحلف بذلك فما كان إلا أن خرج من عند الرشيد فرماه اللَّه بالفالج فمات من ساعته. و يقال إن امرأته غمت وجهه بمخدة فقتله اللَّه.
ثم إن الرشيد أطلق يحيى بن عبد اللَّه و أطلق له مائة ألف دينار، و يقال إنما حبسه بعض يوم و قيل ثلاثة أيام. و كان جملة ما وصله من المال من الرشيد أربعمائة ألف دينار من بيت المال، و عاش بعد ذلك كله شهرا واحدا ثم مات (رحمه اللَّه).
و فيها وقعت فتنة عظيمة بالشام بين النزارية، و هم قيس، و اليمانية و هم يمن، و هذا كان أول بدو أمر العشيرتين بحوران، و هم قيس و يمن، أعادوا ما كانوا عليه في الجاهلية في هذا الآن. و قتل منهم في هذه السنة بشر كثير. و كان على نيابة الشام كلها من جهة الرشيد ابن عمه موسى بن عيسى، و قيل عبد الصمد بن على فاللَّه أعلم. [و كان على نيابة دمشق بخصوصها سندي بن سهل أحد موالي جعفر المنصور، و قد هدم سور دمشق حين ثارت الفتنة خوفا من أن يتغلب عليها أبو الهيذام المزي رأس القيسية، و قد كان مزى هذا دميم الخلق. قال الجاحظ: و كان لا يحلف المكاري و لا الملاح و لا الحائك، و يقول: القول قولهم، و يستخير اللَّه في الحمال و معلم الكتاب. و قد توفى سنة أربع و مائتين] [1] فلما تفاقم الأمر بعث الرشيد من جهته موسى بن يحيى بن خالد و معه جماعة من القواد و رءوس الكتاب، فأصلحوا بين الناس و هدأت الفتنة و استقام أمر الرعية، و حملوا جماعات من رءوس الفتنة إلى الرشيد فرد أمرهم إلى يحيى بن خالد فعفا عنهم و أطلقهم، و في ذلك يقول بعض الشعراء: