نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 165
فقال لها الرشيد: أضغاث أحلام. فقالت: كلا و اللَّه يا أمير المؤمنين، فكأنما كتبت هذه الأبيات في قلبي. ثم ما زالت ترتعد و تضطرب حتى ماتت قبل الصباح. و فيها ماتت:
هيلانة
جارية الرشيد، و هو الّذي سماها هيلانة لكثرة قولها هي لانه. قال الأصمعي: و كان لها محبا، و كانت قبله لخالد بن يحيى بن برمك، فدخل الرشيد يوما منزله قبل الخلافة فاعترضته في طريقه و قالت: أ ما لنا منك نصيب؟ فقال: و كيف السبيل إلى ذلك؟ فقالت: استوهبني من هذا الشيخ. فاستوهبها من يحيى بن خالد فوهبها له و حظيت عنده، و مكثت عنده ثلاث سنين ثم توفيت فحزن عليها حزنا شديدا و رثاها و كان من قوله فيها:-
قد قلت لما ضمنوك الثرى* * * و جالت الحسرة في صدري
اذهب فلاق اللَّه لا سرني* * * بعدك شيء آخر الدهر
و قال العباس بن الأحنف في موتها:
يا من تباشرت القبور بموتها* * * قصد الزمان مساءتى فرماك
أبغى الأنيس فما أرى لي مؤنسا* * * إلا التردد حيث كنت أراك
قال: فأمر له الرشيد بأربعين ألفا، لكل بيت عشرة آلاف، فاللَّه أعلم.
ثم دخلت سنة أربع و سبعين و مائة من الهجرة النبويّة
فيها وقعت عصبية بالشام و تخبيط من أهلها. و فيها استقضى الرشيد يوسف ابن القاضي أبى يوسف و أبوه حي. و فيها غزا الصائفة عبد الملك بن صالح فدخل بلاد الروم. و فيها حج بالناس الرشيد، فلما اقترب من مكة بلغه أن فيها وباء فلم يدخل مكة حتى كان وقت الوقوف وقف ثم جاء المزدلفة ثم منى ثم دخل مكة فطاف و سعى ثم ارتحل و لم ينزل بها.
ثم دخلت سنة خمس و سبعين و مائة
فيها أخذ الرشيد بولاية العهد من بعده لولده محمد بن زبيدة و سماه الأمين، و عمره إذ ذاك خمس سنين، فقال في ذلك سلم الخاسر:
قد وفق اللَّه الخليفة إذ بنى* * * بيت الخلافة للهجان الأزهر
فهو الخليفة عن أبيه و جده* * * شهدا عليه بمنظر و بمخبر
قد بايع الثقلان في مهد الهدى* * * لمحمد بن زبيدة ابنة جعفر
و قد كان الرشيد يتوسم النجابة و الرجاحة في عبد اللَّه المأمون، و يقول: و اللَّه إن فيه حزم المنصور، و نسك المهدي، و عزة نفس الهادي. و لو شئت أن أقول الرابعة منى لقلت، و إني لأقدم محمد بن زبيدة و إني لأعلم أنه متبع هواه و لكن لا أستطيع غير ذلك. ثم أنشأ يقول:
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 165