نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 164
وصيفة، مع كل وصيفة جام من فضة مملوء مسكا. فكتبت إليه: إن كان ما بعثته ثمنا عن ظننا فيك فظننا فيك أكثر مما بعثت، و قد بخستنا في الثمن، و إن كنت تريد به زيادة المودة فقد اتهمتنى في المودة. وردت ذلك عليه. و قد اشترت الدار المشهورة بها بمكة المعروفة بدار الخيزران، فزادتها في المسجد الحرام.
و كان مغلّ ضياعها في كل سنة ألف ألف و ستين ألفا. و اتفق موتها ببغداد ليلة الجمعة لثلاث بقين من جمادى الآخرة من هذه السنة. و خرج ابنها الرشيد في جنازتها و هو حامل سريرها يخب في الطين. فلما انتهى إلى المقبرة أتى بماء فغسل رجليه و لبس خفا و صلى عليها، و نزل لحدها. فلما خرج من القبر أتى بسرير فجلس عليه و استدعى بالفضل بن الربيع فولاه الخاتم و النفقات. و أنشد الرشيد قول ابن نويرة حين دفن أمه الخيزران:
و كنا كندمانى جذيمة برهة* * * من الدهر حتى قيل له يتصدعا
فلما تفرقنا كأنى و مالكا* * * لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
و فيها توفيت:
غادر
جارية كانت لموسى الهادي، كان يحبها حبا شديدا جدا، و كانت تحسن الغناء جدا، فبينما هي يوما تغنيه إذ أخذته فكرة غيبته عنها و تغير لونه، فسأله بعض الحاضرين: ما هذا يا أمير المؤمنين؟
فقال: أخذتني فكرة أنى أموت و أخى هارون يتولى الخلافة بعدي و يتزوج جاريتي هذه. ففدّاه الحاضرون و دعوا له بطول العمر. ثم استدعى أخاه هارون فأخبره بما وقع فعوذه الرشيد من ذلك، فاستحلفه الهادي بالأيمان المغلظة من الطلاق و العتاقو و الحج ماشيا حافيا أن لا يتزوجها، فحلف له و استحلف الجارية كذلك فحلفت له، فلم يكن إلا أقل من شهرين حتى مات، ثم خطبها الرشيد فقالت: كيف بالايمان التي حلفناها أنا و أنت؟ فقال: إني أكفر عنى و عنك. فتزوجها و حظيت عنده جدا، حتى كانت تنام في حجره فلا يتحرك خشية أن يزعجها. فبينما هي ذات ليلة نائمة إذ انتبهت مذعورة تبكى، فقال لها: ما شأنك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين رأيت الهادي في منامي هذا و هو يقول:
أخلفت عهدي بعد ما* * * جاورت سكان المقابر
و نسيتنى و حنثت في* * * أيمانك الكذب الفواجر
و نكحت غادرة أخى* * * صدق الّذي سماك غادر
أمسيت في أهل البلى* * * و عددت في الموتى الغوابر
لا يهنك الألف الجدي* * * د و لا تدر عنك الدوائر
و لحقت بى قبل الصبا* * * ح و صرت حيث غدوت صائر
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 164