responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 155

و عن سوار- صاحب رحبة سوار- قال: انصرفت يوما من عند المهدي فجئت منزلي فوضع لي الغداء فلم تقبل نفسي عليه، فدخلت خلوتي لأنام في القائلة فلم يأخذنى نوم، فاستدعيت بعض حظاياي لأتلهى بها فلم تنبسط نفسي إليها، فنهضت فخرجت من المنزل و ركبت بغلتي فما جاوزت الدار إلا قليلا حتى لقيني رجل و معه ألفا درهم، فقلت: من أين هذه؟ فقال: من ملكك الجديد.

فاستصحبته معى و سرت في أزقة بغداد لأتشاغل عما أنا فيه من الضجر، فحانت صلاة العصر عند مسجد في بعض الحارات، فنزلت لأصلى فيه، فلما قضيت الصلاة إذا برجل أعمى قد أخذ بثيابى فقال: إن لي إليك حاجة، فقلت: و ما حاجتك؟ فقال: إني رجل ضرير و لكنني لما شممت رائحة طيبك ظننت أنك من أهل النعمة و الثروة، فأحببت أن أفضى إليك بحاجتي. فقلت: و ما هي؟

فقال: إن هذا القصر الّذي تجاه المسجد كان لأبى فسافر منه إلى خراسان فباعه و أخذنى معه و أنا صغير، فافترقنا هناك و أصابنى أنا الضرر، فرجعنا إلى بغداد بعد أن مات أبى، فجئت إلى صاحب هذا القصر أطلب منه شيئا أتبلغ به لعلى أجتمع بسوار، فإنه كان صاحبا لأبى، فلعله أن يكون عنده سعة يجود منها على. فقلت: و من أبوك؟ فذكر رجلا كان أصحب الناس إلى، فقلت: إني أنا سوار صاحب أبيك، و قد منعني اللَّه يومك هذا النوم و القرار و الأكل و الراحة حتى أخرجني من منزلي لأجتمع بك، و أجلسنى بين يديك، و أمرت وكيلي فدفع له الألفي الدرهم التي معه، و قلت له: إذا كان الغد فأت منزلي في مكان كذا و كذا. و ركبت فجئت دار الخلافة و قلت: ما أنحف المهدي الليلة في السمر بأغرب من هذا. فلما قصصت عليه القصة تعجب من ذلك جدا و أمر لذلك الأعمى بألفي دينار، و قال لي: هل عليك دين؟ قلت نعم! قال: كم؟ قلت: خمسون ألف دينار.

فسكت و حادثني ساعة ثم لما قمت من بين يديه فوصلت إلى المنزل إذا الحمالون قد سبقوني بخمسين ألف دينار و ألفى دينار أخرى. فلما كان اليوم الثالث جاءني الأعمى فقلت: قد رزقني اللَّه بسببك خيرا كثيرا، و دفعت له الألفي الدينار التي من عند الخليفة و زدته ألفى دينار من عندي أيضا.

و وقفت امرأة للمهدي فقالت: يا عصبة رسول اللَّه اقض حاجتي. فقال المهدي: ما سمعتها من أحد غيرها، اقضوا حاجتها و أعطوها عشرة آلاف درهم. و دخل ابن الخياط على المهدي فامتدحه فأمر له بخمسين ألف درهم ففرقها ابن الخياط و أنشأ يقول:-

أخذت بكفى كفه أبتغي الغنى‌* * * و لم أدر أن الجود من كفه يعدى‌

فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى‌* * * أفدت و أعدانى فبددت ما عندي‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست