responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 154

و ذكروا أن المهدي كان قد أهدر دم رجل من أهل الكوفة و جعل لمن جاء به مائة ألف، فدخل الرجل بغداد متنكرا فلقيه رجل فأخذ بمجامع ثوبه و نادى: هذا طلبة أمير المؤمنين. و جعل الرجل يريد أن ينفلت منه فلا يقدر، فبينا هما، يتجاذبان و قد اجتمع الناس عليهما، إذ مر أمير في موكبه- و هو معن بن زائدة- فقال الرجل! يا أبا الوليد خائف مستجير. فقال معن: ويلك مالك و له؟ فقال هذا طلبة أمير المؤمنين، جعل لمن جاء به مائة ألف. قال معن: أما علمت أنى قد أجرته؟ أرسله من يدك. ثم أمر بعض غلمانه فترجل و أركبه و ذهب به إلى منزله، و انطلق ذلك الرجل إلى باب الخليفة و أنهى إليهم الخبر، فبلغ المهدي فأرسل إلى معن فدخل عليه فسلم فلم يرد (عليه السلام) و قال:

يا معن أبلغ من أمرك أن تجير على؟ قال: نعم قال: و نعم أيضا قال: نعم! قد قتلت في دولتكم أربعة آلاف مصلى فلا يجار لي رجل واحد؟ فأطرق المهدي ثم رفع رأسه إليه و قال: قد أجرنا من أجرت يا معن. فقال: يا أمير المؤمنين إن الرجل ضعيف، فأمر له بثلاثين ألفا. فقال: إن جريمته عظيمة و إن جوائز الخلفاء على قدر جرائم الرعية. فأمر له بمائة ألف، فحملت بين يدي معن إلى ذلك الرجل، فقال له معن: خذ المال و ادع لأمير المؤمنين و أصلح نيتك في المستقبل.

و قدم المهدي مرة البصرة فخرج ليصلي بالناس فجاء أعرابى فقال: يا أمير المؤمنين مر هؤلاء فلينتظرونى حتى أتوضأ- يعنى المؤذنين- فأمرهم بانتظاره، و وقف المهدي في المحراب لم يكبر حتى قيل له هذا لأعرابى قد جاء. فكبر، فتعجب الناس من سماحة أخلاقه و قدم أعرابى و معه كتاب مختوم فجعل يقول: هذا كتاب أمير المؤمنين إلى، أين الرجل الّذي يقال له الربيع الحاجب؟ فأخذ الكتاب و جاء به إلى الخليفة و أوقف الأعرابي و فتح الكتاب فإذا هو قطعة أديم فيها كتابة ضعيفة، و الأعرابي يزعم أن هذا خط الخليفة، فتبسم المهدي و قال: صدق الأعرابي، هذا خطى، إني خرجت يوما إلى الصيد فضعت عن الجيش و أقبل الليل فتعوذت بتعويذ رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) فرفع لي نار من بعيد فقصدتها فإذا هذا الشيخ و امرأته في خباء يوقدان نارا، فسلمت عليها فردا السلام و فرش لي كساء و سقاني مذقة من لبن مشوب بماء، فما شربت شيئا إلا و هي أطيب منه، و نمت نومة على تلك العباءة ما أذكر أنى نمت أحلى منها. فقام إلى شويهة له فذبحها فسمعت امرأته تقول له:

عمدت إلى مكسبك و معيشة أولادك فذبحتها، هلكت نفسك و عيالك. فما التفت إليها، و استيقظت فاشتويت من لحم تلك الشويهة و قلت له: أ عندك شي‌ء أكتب لك في كتابا؟ فأتانى بهذه القطعة فكتبت له بعود من ذلك الرماد خمسمائة ألف، و إنما أردت خمسين ألفا، و اللَّه لأنفذنها له كلها و لو لم يكن في بيت المال سواها. فأمر له بخمسمائة ألف فقبضها الأعرابي و استمر مقيما في ذلك الموضع في طريق الحاج من ناحية الأنبار، فجعل يقرى الضيف و من مرّ به من الناس، فعرف منزله بمنزل مضيف أمير المؤمنين المهدي.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست