responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 148

فلم تزل السعاة و الوشاة بينه و بين الخليفة حتى أخرجوه عليه، و كلما سعوا به إليه دخل إليه فأصلح أمره معه، حتى وقع من أمره ما سأذكره، و هو أنه دخل ذات يوم على المهدي في مجلس عظيم قد فرش بأنواع الفرش و ألوان الحرير، و حول ذلك المكان أصحان مزهرة بأنواع الأزاهير، فقال:

يا يعقوب كيف رأيت مجلسنا هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما رأيت أحسن منه. فقال: هو لك بما فيه، و هذه الجارية ليتم بها سرورك، ولى إليك حاجة أحب أن تقضبها. قلت: و ما هي يا أمير المؤمنين؟ فقال: حتى تقول نعم. فقلت: نعم! و على السمع و الطاعة. فقال! اللَّه؟ فقلت: اللَّه.

قال: و حياة رأسي قلت و حياة رأسك. فقال: ضع يدك على رأسي و قل ذلك، ففعلت. فقال: إن هاهنا رجلا من العلويين أحب أن تكفينيه، و الظاهر أنه الحسن بن إبراهيم بن عبد اللَّه بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب. فقلت: نعم، فقال: و عجل على، ثم أمر بتحويل ما في ذلك المجلس إلى منزلي و أمر لي بمائة ألف درهم و تلك الجارية، فما فرحت بشي‌ء فرحي بها. فلما صارت بمنزلي حجبتها في جانب الدار في خدر، فأمرت بذلك العلويّ فجي‌ء به فجلس إلى فتكلم، فما رأيت أعقل منه و لا أفهم. ثم قال لي: يا يعقوب تلقى اللَّه بدمى و أنا رجل من ولد فاطمة بنت رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)؟

فقلت: لا و اللَّه و لكن اذهب حيث شئت و أين شئت. فقال: إني أختار بلاد كذا و كذا. فقلت:

اذهب كيف شئت، و لا يظهرن عليك المهدي فتهلك و أهلك. فخرج من عندي و جهزت معه رجلين يسفرانه و يوصلانه بعض البلاد، و لم أشعر بأن الجارية قد أحاطت علما بما جرى، و أنها كالجاسوس على، فبعثت بخادمها إلى المهدي فأعلمته بما جرى، فبعث المهدي إلى تلك الطريق فردوا ذلك العلويّ فحبسه عنده في بيت من دار الخلافة، و أرسل إليّ من اليوم الثاني فذهبت إليه و لم أشعر من أمر العلويّ بشي‌ء، فلما دخلت عليه قال: ما فعل العلويّ؟ قلت: مات. قال: اللَّه! قلت اللَّه.

قال: فضع يدك على رأسي و احلف بحياته، ففعلت. فقال: يا غلام أخرج ما في هذا البيت، فخرج العلويّ فأسقط في يدي، فقال المهدي: دمك لي حلال. ثم أمر به فألقى في بئر في المطبق. قال يعقوب: فكنت في مكان لا أسمع فيه و لا أبصر، فذهب بصرى و طال شعرى حتى صرت مثل البهائم، ثم مضت على مدد متطاولة، فبينما أنا ذات يوم إذ دعيت فخرجت من البئر فقيل لي: سلم على أمير المؤمنين. فسلمت و أنا أظنه المهدي، فلما ذكرت المهدي قال: رحم اللَّه المهدي. فقلت:

الهادي؟ فقال: رحم اللَّه الهادي. فقلت: الرشيد؟ قال نعم. فقلت: يا أمير المؤمنين قد رأيت ما حل بى من الضعف و العلة، فان رأيت أن تطلقني. فقال: أين تريد؟ قلت: مكة، فقال: اذهب راشدا، فسار إلى مكة فما لبث بها إلا قليلا حتى مات (رحمه اللَّه تعالى).

و قد كان يعقوب هذا يعظ المهدي في تعاطيه شرب النبيذ بين يديه، و كثرة سماع الغناء فكان‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست