responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 123

وهبكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه، إذ يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً. أن يوفقني للصواب و يسددني للرشاد و يلهمني الرأفة بكم و الإحسان إليكم و يفتحنى لاعطياتكم و قسم أرزاقكم بالعدل عليكم، فإنه سميع مجيب.

و قد خطب يوما فاعترضه رجل و هو يثنى على اللَّه عز و جل، فقال: يا أمير المؤمنين اذكر من أنت ذاكره، و اتّق اللَّه فيما تأتيه و تذره. فسكت المنصور حتى انتهى كلام الرجل فقال: أعوذ باللَّه أن أكون من قال اللَّه عز و جل فيه‌ وَ إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ‌ أو أن أكون جبارا عصيا، أيها الناس! إن الموعظة علينا نزلت و من عندنا نبتت. ثم قال للرجل: ما أظنك في مقالتك هذه تريد وجه اللَّه، و إنما أردت أن يقال عنك وعظ أمير المؤمنين، أيها الناس لا يغرنكم هذا فتفعلوا كفعله ثم أمر به فاحتفظ به و عاد إلى خطبته فأكملها، ثم قال لمن هو عنده: أعرض عليه الدنيا فان قبلها فأعلمني، و إن ردها فأعلمني، فما زال به الرجل الّذي هو عنده حتى أخذ المال و مال إلى الدنيا فولاه الحسبة و المظالم و أدخله على الخليفة في بزة حسنة، و ثياب و شارة و هيئة دنيوية، فقال له الخليفة: ويحك! لو كنت محقا مريدا وجه اللَّه بما قلت على رءوس الناس لما قبلت شيئا مما أرى، و لكن أردت أن يقال عنك إنك وعظت أمير المؤمنين، و خرجت عليه، ثم أمر به فضربت عنقه. و قد قال المنصور لابنه المهدي: إن الخليفة لا يصلحه إلّا التقوى، و السلطان لا يصلحه إلا الطاعة. و الرعية لا يصلحها إلا العدل، و أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، و أنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه. و قال أيضا: يا بنى استدم النعمة بالشكر، و القدرة بالعفو، و الطاعة بالتأليف، و النصر بالتواضع و الرحمة للناس، و لا تنس نصيبك من الدنيا و نصيبك من رحمة اللَّه.

و حضر عنده مبارك بن فضالة يوما و قد أمر برجل أن يضرب عنقه و أحضر النطع و السيف،

فقال له مبارك: سمعت الحسين يقول قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): «إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم من كان أجره على اللَّه فلا يقوم إلا من عفا»

فأمر بالعفو عن ذلك الرجل. ثم أخذ يعدد على جلسائه عظيم جرائم ذلك الرجل و ما صنعه. و قال الأصمعي: أتى المنصور برجل ليعاقبه فقال: يا أمير المؤمنين الانتقام عدل و العفو فضل، و تعوذ أمير المؤمنين باللَّه أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين، و أدنى القسمين، دون أرفع الدرجتين. قال فعفا عنه.

و قال الأصمعي: قال المنصور لرجل من أهل الشام: احمد اللَّه يا أعرابى الّذي دفع عنكم الطاعون بولايتنا. فقال إن اللَّه لا يجمع علينا حشفا و سوء كيل، ولايتكم و الطاعون. و الحكايات في ذكر حلمه و عفوه كثيرة جدا. [و دخل بعض الزهاد على المنصور فقال: إن اللَّه أعطاك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك ببعضها، و اذكر ليلة تبيت في القبر لم تبت قبلها ليلة، و اذكر ليلة تمخض عن‌]

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست