responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 119

باطل باطل. و قال الأوزاعي: كان عندنا رجل يخرج يوم الجمعة إلى الصيد و لا ينتظر الجمعة فخسف ببغلته فلم يبق منها إلا أذناها، و خرج الأوزاعي يوما من باب مسجد بيروت و هناك و كان فيه رجل يبيع الناطف و إلى جانبه رجل يبيع البصل و هو يقول: يا بصل أحلى من العسل، أو قال أحلى من الناطف. فقال الأوزاعي: سبحان اللَّه! أ يظن هذا أن شيئا من الكذب يباح؟ فكأن هذا ما يرى في الكذب بأسا.

و قال الواقدي قال الأوزاعي: كنا قبل اليوم نضحك و نلعب، أما إذ صرنا أئمة يقتدى بنا فلا ترى أن يسعنا ذلك، و ينبغي أن نتحفظ. و كتب إلى أخ له: أما بعد فقد أحيط بك من كل جانب، و إنه يسار بك في كل يوم و ليلة، فاحذر اللَّه و القيام بين يديه، و أن يكون آخر العهد بك و السلام.

و قال ابن أبى الدنيا: حدثني محمد بن إدريس سمعت أبا صالح- كاتب الليث- يذكر عن الهقل ابن زياد عن الأوزاعي أنه وعظ فقال في موعظته: أيها الناس، تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار اللَّه الموقدة، التي تطلع الأفئدة، فإنكم في دار الثواء فيها قليل، و أنتم عما قليل عنها راحلون، خلائف بعد القرون الماضية الذين استقبلوا من الدنيا آنقها و زهرتها، فهم كانوا أطول منكم أعمارا و أمد أجساما، و أعظم أحلاما، و أكثر أموالا و أولادا، فخددوا الجبال و جابوا الصخر بالواد، و تنقلوا في البلاد، مؤيدين ببطش شديد، و أجساد كالعماد، فما لبثت الأيام و الليالي أن طوت آثارهم، و أخربت منازلهم و ديارهم، و أنست ذكرهم، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع له ركزا؟ كانوا بلهو الأمل آمنين، و عن ميقات يوم موتهم غافلين، فآبوا إياب قوم نادمين، ثم إنكم قد علمتم الّذي نزل بساحتهم بياتا من عقوبة اللَّه، فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين، و أصبح الباقون المتخلفون يبصرون في نعمة اللَّه و ينظرون في آثار نقمته، و زوال نعمته عمن تقدمهم من الهالكين ينظرون و اللَّه في مساكن خالية خاوية، قد كانت بالعز محفوفة، و بالنعم معروفة، و القلوب إليها مصروفة، و الأعين نحوها ناظرة، فأصبحت آية للذين يخافون العذاب الأليم، و عبرة لمن يخشى. و أصبحتم بعدهم في أجل منقوص و دنيا منقوصة، في زمان قد ولى عفوه و ذهب رخاؤه و خيره و صفوه، فلم يبق منه إلا جمة شر، و صبابة كدر، و أهاويل عبر، و عقوبات غير، و إرسال فتن، و تتابع زلازل، و رذالة خلف بهم ظهر الفساد في البر و البحر، يضيقون الديار و يغلون الأسعار بما يرتكبونه من العار و الشنار، فلا تكونوا أشباها لمن خدعه الأمل، و غيره طول الأجل، و لعبت به الأماني، نسأل اللَّه أن يجعلنا و إياكم ممن إذا دعي بدر، و إذا نهى انتهى، و عقل مثواه فمهد لنفسه.

و قد اجتمع الأوزاعي بالمنصور حين دخل الشام و وعظه و أحبه المنصور و عظمه، و لما أراد الانصراف من بين يديه استأذنه أن لا يلبس السواد فأذن له، فلما خرج قال المنصور للربيع‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست