responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 118

كان ينفق ذلك كله في سبيل اللَّه و في الفقراء و المساكين.

و لما دخل عبد اللَّه بن على- عم السفاح الّذي أجلى بنى أمية عن الشام، و أزال اللَّه سبحانه دولتهم على يده- دمشق فطلب الأوزاعي فتغيب عنه ثلاثة أيام ثم حضر بين يديه. قال الأوزاعي:

دخلت عليه و هو على سرير و في يده خيزرانة و المسوّدة عن يمينه و شماله، معهم السيوف مصلتة- و الغمد الحديد- فسلمت عليه فلم يرد و نكت بتلك الخيزرانة التي في يده ثم قال: يا أوزاعي ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد و البلاد؟ أجهادا و رباطا هو؟ قال: فقلت: أيها الأمير

سمعت يحيى بن سعيد الأنصاري يقول سمعت محمد بن إبراهيم التيمي يقول سمعت علقمة بن وقاص يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يقول: «إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللَّه و رسوله فهجرته إلى اللَّه و رسوله، و من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».

قال فنكت بالخيزرانة أشد مما كان ينكت، و جعل من حوله يقبضون أيديهم على قبضات سيوفهم، ثم قال: يا أوزاعي ما تقول في دماء بنى أمية؟ فقلت:

قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، و الثيب الزاني، و التارك لدينه المفارق للجماعة».

فنكت بها أشد من ذلك ثم قال:

ما تقول في أموالهم؟ فقلت: إن كانت في أيديهم حراما فهي حرام عليك أيضا، و إن كانت حلالا فلا تحل لك إلا بطريق شرعي. فنكت أشد مما كان ينكت قبل ذلك ثم قال: ألا نوليك القضاء؟

فقلت: إن أسلافك لم يكونوا يشقون عليّ في ذلك، و إني أحب أن يتم ما ابتدءوني به من الإحسان.

فقال: كأنك تحب الانصراف؟ فقلت: إن ورائي حرما و هم محتاجون إلى القيام عليهنّ و سترهن، و قلوبهن مشغولة بسببي. قال: و انتظرت رأسي أن يسقط بين يدي، فأمرنى بالانصراف. فلما خرجت إذا برسوله من ورائي، و إذا معه مائتا دينار، فقال يقول لك الأمير: استنفق هذه. قال:

فتصدقت بها، و إنما أخذتها خوفا. قال: و كان في تلك الأيام الثلاثة صائما فيقال إن الأمير لما بلغه ذلك عرض عليه الفطر عنده فأبى أن يفطر عنده.

قالوا: ثم رحل الأوزاعي من دمشق فنزل بيروت مرابطا بأهله و أولاده، قال الأوزاعي:

و أعجبنى في بيروت أنى مررت بقبورها فإذا امرأة سوداء في القبور فقلت لها: أين العمارة ياهنتاه؟

فقالت: إن أردت العمارة فهي هذه- و أشارت إلى القبور- و إن كنت تريد الخراب فأمامك و أشارت إلى البلد- فعزمت على الاقامة بها. و قال محمد بن كثير: سمعت الأوزاعي يقول: خرجت يوما إلى الصحراء فإذا رجل جراد و إذا شخص راكب على جرادة منها و عليه سلاح الحديد، و كلما قال بيده هكذا إلى جهة مال الجراد مع يده، و هو يقول: الدنيا باطل باطل باطل، و ما فيها باطل‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست