responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 117

و قد قال المنصور يوما لأحظى كتّابه عنده- و هو سليمان بن مجالد-: ينبغي أن نجيب الأوزاعي على ذلك دائما، لنستعين بكلامه فيما نكاتب به إلى الآفاق إلى من لا يعرف كلام الأوزاعي. فقال:

و اللَّه يا أمير المؤمنين لا يقدر أحد من أهل الأرض على مثل كلامه و لا على شي‌ء منه. و قال الوليد ابن مسلم: كان الأوزاعي إذا صلى الصبح جلس يذكر اللَّه سبحانه حتى تطلع الشمس، و كان يأثر عن السلف ذلك. قال: ثم يقومون فيتذاكرون في الفقه و الحديث. و قال الأوزاعي: رأيت ربّ العزة في المنام فقال: أنت الّذي تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر؟ فقلت: بفضلك أي رب. ثم قلت: يا رب أمتنى على الإسلام. فقال: و على السنة. و قال محمد بن شعيب بن شابور: قال لي شيخ بجامع دمشق: أنا ميت في يوم كذا و كذا. فلما كان في ذلك اليوم رأيته في صحن الجامع يتفلى، فقال لي: اذهب إلى سرير الموتى فاحرزه لي عندك قبل أن تسبق إليه. فقلت: ما تقول؟ فقال:

هو ما أقول لك، و إني رأيت كأن قائلا يقول فلان قدري، و فلان كذا و عثمان بن العاتكة نعم.

الرجل، و أبو عمرو الأوزاعي خير من يمشى على وجه الأرض، و أنت تميت في يوم كذا و كذا.

قال محمد بن شعيب: فما جاء الظهر حتى مات و صلينا عليه بعدها و أخرجت جنازته. ذكر ذلك ابن عساكر. و كان الأوزاعي (رحمه اللَّه) كثير العبادة حسن الصلاة ورعا ناسكا طويل الصمت، و كان يقول: من أطال القيام في صلاة الليل هوّن اللَّه عليه طول القيام يوم القيامة، أخذ ذلك من قوله تعالى‌ وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا، إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَ يَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا و قال الوليد بن مسلم: ما رأيت أحدا أشد اجتهادا من الأوزاعي في العبادة. و قال غيره:

حج فما نام على الراحلة، إنما هو في صلاة، فإذا نعس استند إلى القتب، و كان من شدة الخشوع كأنه أعمى. و دخلت امرأة على امرأة الأوزاعي فرأت الحصير الّذي يصلى عليه مبلولا فقالت لها:

لعل الصبى بال هاهنا. فقالت: هذا أثر دموع الشيخ من بكائه في سجوده، هكذا يصبح كل يوم.

و قال الأوزاعي: عليك بآثار من سلف و إن رفضك الناس، و إياك و أقوال الرجال و إن زخرفوه و حسنوه، فان الأمر ينجلي و أنت منه على طريق مستقيم. و قال أيضا: اصبر على السنة وقف حيث يقف القوم، و قل ما قالوا و كف عما كفوا، و ليسعك ما وسعهم. و قال: العلم ما جاء عن أصحاب محمد، و ما لم يجئ عنهم فليس بعلم. و كان يقول: لا يجتمع حب عليّ و عثمان إلا في قلب مؤمن. و إذا أراد اللَّه بقوم شرا فتح عليهم باب الجدل و سد عنهم باب العلم و العمل. قالوا: و كان الأوزاعي من أكرم الناس و أسخاهم، و كان له في بيت المال على الخلفاء أقطاع صار إليه من بنى أمية و قد وصل إليه من خلفاء بنى أمية و أقاربهم و بنى العباس نحو من سبعين ألف دينار، فلم يمسك منها شيئا، و لا اقتنى شيئا من عقار و لا غيره، و لا ترك يوم مات سوى سبعة دنانير كانت جهازه، بل‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست