إذا عين الواقف في وقفه أن تصرف منافع العين الموقوفة في شؤون الموقوف عليهم و معيشتهم من غير تمليك كما ذكرنا في المسألة المتقدمة، فقد يشترط في وقفه أن تصرف المنفعة بعينها على الموقوف عليهم لا بأثمانها و أعواضها، و مثال ذلك أن يقف على أولاده نخيلا أو شجرا ليأكلوا تمر النخيل و ثمر الشجر، و يتعين على متولي الوقف في هذا الفرض أن يصرف الثمرة بعينها على الموقوف عليهم، فيعطي كل فرد منهم حصته من تمر النخيل أو من ثمر الشجر نفسه، و لا يصح له أن يبيع الثمرة و يقسم بينهم أعواضها و قد يجيز الواقف في وقفه للولي أن يبدل المنفعة الموقوفة بشيء آخر و يقسمه عليهم لينتفعوا به، فيصح للولي ذلك، و إذا أبدلها الولي، أو قسم المنفعة نفسها بينهم و أعطى كل واحد منهم حصته ليصرفها على نفسه لم يجز له المعاوضة على حصته المدفوعة إليه كما تقدم، و قد عرفت ان المنفعة إذا جعلت كذلك فهي مضمونة إذا غصبت أو أتلفت.
المسألة 24:
قد ينظر الواقف في وقفه أن يستوفي الموقوف عليهم منفعة العين الموقوفة بأنفسهم فيقف كتب العلم مثلا ليقرأ فيها طلاب العلم و ينتفعوا بقراءتها بأنفسهم، و يقف المدرسة ليسكنها الطلاب و أهل العلم و ينتفعوا بالسكنى فيها بأنفسهم، و كذلك في وقفه خانات المسافرين، و الرباطات للفقراء و القناطر و الشوارع للعابرين.
و من الواضح أن منافع هذه الموقوفات لا يملكها الموقوف عليهم فلا يحل لهم المعاوضة عليها و لا يرثها الوارث من بعدهم كما لا تحل المعاوضة عليها من ولي الوقف، و يشكل الحكم بضمانها إذا غصبت أو أتلفت، و هذا هو القسم الرابع من أقسام الوقف.
المسألة 25:
يشترط في صحة الوقف الدوام، و المراد بالدوام أن لا يوقت الواقف وقفه بمدة، فإذا قال: وقفت هذه الدار على الفقراء أو على أولادي مدة عشر سنين أو مدة عشرين سنة، و قصد بذلك إنشاء الوقف كان باطلا.