و لا بدّ في توضيحه من بيان أمرين:- الأوّل [1]: إنّه بعد وضوح أنّ حقيقة المجعول في الأصول العمليّة هي البناء العمليّ على مؤدّياتها، دون الثبوت الواقعيّ كما في باب الأمارات [2]- و لذا يكون مثبتاتها حجّة دونها [3]، كما حقّق في محلّه-، فلا يخفى أنّه كما لا فرق في الأثر العمليّ الذي لا بدّ في جريان الأصل من ترتّبه عليه بين أن يكون بحيث يرجع التصرّف الظاهريّ فيه [4] إلى مرحلة توجّه التكليف و ثبوته [5]، أو إلى ناحية
و في (بهذا الأصل) للتعدية.
[1] هذا الأمر معقود لبيان الضابط لجريان الاستصحاب في الموضوعات المركّبة، و التمييز بينها و بين العناوين الملازمة لها.
[2] فإنّ المجعول فيها هو الكاشفيّة و الطريقيّة، و مقتضاها الثبوت الواقعي لمؤدّياتها تعبّدا، أمّا في الأصول العمليّة فمجرّد البناء العملي و تطبيق العمل على طبق المؤدّى مع البناء على أنّه هو الواقع أو من دون بناء عليه، و أيّا كان فلم يجعل فيها الطريقيّة و ثبوت المؤدّى- كما جعلت في الأمارات.
[3] فإنّ الحكم بثبوت المؤدّى حكم بثبوته بجميع لوازمه و ملزوماته و ملازماته، أمّا الحكم بتطبيق العمل على المؤدّى من دون ثبوته فليس حكما به بالنسبة إلى لوازمه و نحوها، و لا يقتضي سوى الجري عملا على طبق المؤدّى و ما يترتّب عليه من الآثار الشرعيّة بلا واسطة عقليّة أو عاديّة، و تمام الكلام في محلّه.
[4] أي: في الأثر العملي إثباتا أو نفيا.
[5] كما في موارد أصالة البراءة، و الاستصحاب المثبت للتكليف أو النافي له.