و كيف كان فالمهمّ في المقام هو تنقيح أنّه بعد الفراغ عن جريان البراءة في الارتباطيات فهل يقصر ما يدلّ عليها عن الشمول للشبهة الموضوعيّة المذكورة، أو أنّه يعمّها و الشبهات الحكميّة و المفهوميّة بجامع واحد- كما في النفسيّات.
فنقول: إنّ مدرك جريان البراءة في جميع مجاريها لا يخلو إمّا أن يكون هو استقلال العقل بمعذورية الجاهل، و عدم كون الحكم الشرعي بنفس وجوده الواقعي [1] علّة لاستحقاق عقاب المخالفة، أو يكون هو عموم ما يدلّ على رفع [2] كلّ مجهول هو من مجعولات الشارع [3]، و بيده زمامه، و قابل للتصرّف التشريعي فيه
الواقعة بين الهلالين، و ليس أمرا بسيطا متحصّلا منها، فإذا دار أمره بين الناقص و التام لاشتباه الهلال- مع الغض عن الاستصحاب الجاري في المورد- كان من دوران أمر متعلق التكليف نفسه بين الأقل و الأكثر لشبهة خارجية، لا من الشك في محصّل المتعلق و دوران أمره بين الأمرين، اللّهم إلّا بارتكاب التكلّف بدعوى كون الشهر عنوانا بسيطا منتزعا من اجتماع الأيام.
[1] و إنّما بوصوله إلى المكلف و علمه به، و الحكم العقلي المذكور هو المعبّر عنه بقاعدة (قبح العقاب بلا بيان).
[2] كحديث (رفع ما لا يعلمون) و نحوه من الروايات الدالة على البراءة الشرعية المفصّلة في علم الأصول.
[3] كليا كان المجعول- كما في الشبهات الحكمية- أم شخصيا- كما في الشبهات المصداقية.