ثم عدت إلى مكاني وقد بيّضتها ، وحليت بزهرها ساحة القرطاس وروّضتها ، فلمّا رآني السلطان قد عدت قال لي : هل عملت شيئا [٢]؟ ظنّا منه أنّ العمل في تلك اللمحة القريبة معجز متعذّر ، وبلوغ الغرض فيها غير متصوّر ، فقلت : قد أجبت ، فقال : أنشدنا [٣] ، فصمت الناس ، وحدّقت الأبصار ، وأصاخت الأسماع ، وظنّ الناس بي الظنون ، وترقّبوا مني ما يكون ، فما هو إلّا أن توالى الإنشاد لأبياتها حتى صفقت الأيدي إعجابا ، وتغامزت الأعين استغرابا ، وحين انتهيت إلى ذكر مولانا الملك الكامل ، بأنه المعلّى في البنين إذا ضربت قداحهم [٤] ، وسردت أمداحهم ، اغرورقت عيناه دمعا لذكره [٥] ، وأبان صمته مخفي المحبّة حتى أعلن بسرّه ، وحين انتهيت إلى آخرها فاض دمعه ، ولم يمكنه دفعه ، فمدّ يده مستدعيا للورقة ، فناولتها إلى يد