الصاحب ، فناولها له ، وعند حصولها في يده قام من غير إشعار لأحد بما دار من إرادة القيام في خلده ، سترا لما ظهر عليه من الرقة على الموالي الأولاد ، وكتما لما عليه من الوجد بهم والمحبّة لهم ، وانفضّ المجلس.
وإنما حمل الصاحب على هذا الفعل الذي غرّر بي فيه وخاطر بي بالتعريض له أشياء كان يقترحها عليّ فأنفذ فيها من بين يديه ، ويخف الأمر منها عليّ لدالّتي عليه ، منها أنني كنت في خدمته سنة ٥٩٩ بدمشق ، فورد عليه كتاب من الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين صاحب حماة ، وقد بعث صحبته نسخة من ديوان شعره فتشاغل بتسويد جواب كتابه ، فلمّا كتب بعضه التفت إليّ وقال : اصنع أبياتا أكتبها إليه في صدر الجواب ، واذكر فيها شعره ، فقلت له : على مثل هذه الحال؟ فقال : نعم ، فقلت بقدر ما أنجز بقية النسخة : [الطويل]
ووقع لابن ظافر أيضا من هذا النمط أنه دخل في أصحاب له يعودون صاحبا لهم ، وبين يديه بركة قد راق ماؤها ، وصحت سماؤها ، وقد رصّ تحت دساتيرها نارنج فتن قلوب الحضّار ، وملأ بالمحاسن عيون النظّار [٢] ، فكأنما رفعت صوالج فضّة على كرات من النّضار [٣] ، فأشار الحاضرون إلى وصفها ، فقال بديها : [الكامل]