وقال في المطمح : الفقيه الإمام العالم الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر ، إمام الأندلس وعالمها ، الذي التاحت به معالمها [٢] ، صحّح المتن والسند ، وميّز المرسل من المسند ، وفرّق بين الموصل [٣] والقاطع ، وكسا الملّة منه نور ساطع ، حصر الرواة ، وأحصى الضعفاء منهم والثقات ، وجدّ في تصحيح السقيم ، وجدد منه ما كان كالكهف والرّقيم ، مع معاناة العلل [٤] ، وإرهاف ذلك العلل ، والتنبيه والتوقيف ، والإتقان والتثقيف ، وشرح المقفل ، واستدراك المغفل ، وله فنون هي للشريعة رتاج ، وفي مفرق الملّة تاج ، أشهرت للحديث ظبا ، وفرعت لمعرفته ربا ، وهبّت لتفهّمه شمال [٥] وصبا ، وشفت منه وصبا ، وكان ثقة ، والأنفس على تفضيله متّفقة ، وأما أدبه فلا تعبر لجّته ، ولا تدحض حجّته ، وله شعر لم نجد منه إلّا ما نفث به أنفة ، وأقصى فيه عن معرفة ، فمن ذلك قوله ـ وقد دخل إشبيلية فلم يلق فيها مبرّة ، ولم يلق [٦] من أهلها تهلل أسرّة ، فأقام بها حتى أخلقه مقامه ، وأطبقه اغتمامه ، فارتحل وقال : [الطويل]