وكان الوزير الكاتب أبو جعفر أحمد بن عباس وزير زهير الصقلي [٣] ملك ألمرية بذّ الناس في وقته بأربعة أشياء : المال ، والبخل ، والعجب ، والكتابة ؛ قال أبو حيان : وكان قبل محنته صيّر هجّيراه [٤] أوقات لعب الشطرنج أو ما يسنح له هذا البيت : [المتقارب]
عيون الحوادث عنّي نيام
وهضمي على الدهر شيء حرام
وذاع هذا البيت في الناس حتى قلب له مصراعه الأخير بعض الأدباء فقال :
سيوقظها قدر لا ينام
وكان حسن الكتابة ، جميل الخطّ ، مليح الخطاب ، غزير الأدب ، قوي المعرفة ، مشاركا في الفقه ، حاضر الجواب ، جمّاعا للدفاتر ، حتى بلغت أربعمائة ألف مجلّد ، وأمّا الدفاتر المخرومة فلم يوقف على عددها لكثرتها ، وبلغ ماله خمسمائة ألف مثقال جعفرية سوى غير ذلك ، وكان مقتله بيد باديس بن حبّوس [٥] ملك غرناطة ، وكفى دليلا على إعجابه قوله : [الخفيف]
لي نفس لا ترتضي الدّهر عمرا
وجميع الأنام طرا عبيدا
لو ترقّت فوق السّماك محلّا
لم تزل تبتغي هناك صعودا
أنا من تعلمون شيّدت مجدي
في مكاني ما بين قومي وليدا
وكان يتهّم بداء أبي جهل [٦] فيما ينقل ، حتى كتب بعض الأدباء على برجه بالمرية : [السريع]