وفي عصركم من يهتدي إلى ما لم يهتدوا إليه؟ فأهوى له شخص له قحة وإقدام ، فقال : يا أبا جعفر ، فأرنا برهان ذلك ، ما أظنك تعني إلّا نفسك ، فقال : نعم ، ولم لا؟ وأنا الذي أقول ما لم يتنبّه [١] إليه متقدّم ، ولا يهتدي لمثله متأخّر : [السريع]
يا هل ترى أظرف من يومنا
قلّد جيد الأفق طوق العقيق
وأنطق الورق بعيدانها
مرقصة كلّ قضيب وريق
والشمس لا تشرب خمر الندى
في الأرض إلّا بكؤوس الشقيق
فلم ينصفوه في الاستحسان ، وردّوه في الغيظ إلى أضيق مكان ، فقلت له : يا سيدي ، هذا هو السحر الحلال ، فبالله إلّا ما زدتني [٢] من هذا النمط ، فقال : [الوافر]
أدرها فالسماء بدت عروسا
مضمّخة الملابس بالغوالي
وخدّ الروض حمّره أصيل
وجفن النهر كحّل بالظّلال
وجيد الغصن يشرق في لآل
تضيء بهنّ أكناف الليالي
فقلت : زد وعد ، فعاد والارتياح قد ملك عطفه ، والتّيه قد رفع أنفه ، فقال : [السريع]