واحتمل الخفاجي أن يكون ابن السكّيت هو الذي عارض المازني وهو احتمال بعيد جدّاً لأنّ المازني وابن السكّيت كلاهما من عدول أصحابنا ومع غلبة التقيّة في ذلك الزمان وقلّة الشيعة لا يكون الخلاف بينهما متوجّهاً في مجلس الخليفة .
وارتكب الحريري في حكاية هذه القصّة عدّة أخطاء :
الأوّل : ذكر ظلوماً والصحيح أنّها ظليم ، كما رويناه ، لأنّ هذا الغزل تشبيب بظليمة المكنّاة باُمّ عمران زوجة عبد الله بن مطيع ، وذكر اسمها الشاعر مرخّماً ، وثقات أهل العرب يوافقونا على ما قلناه .
الثاني : نسبته الشعر إلى العرجي وهو عبد الله بن عمرو الأموي بينما نسبه ابوالفرج وهو قدوة جميع العلماء في هذه الفنون إلى الحارث بن خالد المخزومي .
الثالث : إنّه اعتبر المعارض للمازني اليزيدي النحوي ، واليزيدي كان في زمن هارون وتوفّي سنة اثنتين وستّين بعد المأة ومات الواثق سنة سبعة عشر بعد المأتين ، إلّا أن يريد باليزيدي بعض أولاده ويعرف باليزيدي أيضاً ، وهذا خلاف الظاهر .
وحاصل المطلب ـ وإن بعدنا عن القصد ـ أنّ مصاباً الوارد في فقرة الزيارة إن اعتبرناه مصدراً فينبغي أن يكون مأخوذاً من المبني للمفعول فتكون العبارة هكذا : « لقد عظم مصيبتي فيك » [٢] والأظهر في الباء على هذا الوجه أن تكون صلة للفعل وليست سببيّة .