ذكرهم [١] ـ. وكان يتبعه من الحكماء والعلماء مائة ألف غير الجيش ، قصد مكة ، فلما انتهى إليها لم يخضع له أهلها كغيرهم من أهل الدنيا ، ولم يعظموه. فغضب ودعا وزيره الأكبر ، وذكر له ما أنكره من فعل أهل مكة ، فقال له الوزير : «أيها الملك ، إنهم عرب ، لا يعرفون ، ولهم بيت هم به معجبون». فأضمر تبع هدم البيت الشريف ، وقتل الرجال وسبي النساء صبيحة [٢] تلك الليلة ، فأخذه صداع في الحال ، وتفجرت آذانه [٣] ، وأنفه وعينه بماء منتن ، فلم يستطع أحد الجلوس عنده ساعة واحدة ، فدعا وزيره وقال : «أدع لي الحكماء والأطباء».
فجاءوه ، فلما رأوه قالوا : «هذا أمر سماوي لا قدرة لنا به». فاشتغل ذلك النهار بنفسه. فلما جنّ الليل ، قصده بعض كبار العلماء الذين معه ، فاجتمع بالوزير الأكبر [٤] وقال : «أريد الاجتماع بالملك ، فإن لي معه سرّا». فاختلى به فقال له : «أيها الملك ، إن صدقتني عما أسألك داويتك». فقال : «نعم». قال : «هل أضمرت سوءا لأهل هذه البلدة؟!». قال : «نعم ، أضمرت هدم هذا [٥] البيت ، وقتل الرجال وسبي النساء والذراري». فقال العالم : «أيها الملك صدقت ، (نيتك أحدثت بك ما ترى ، وربّ هذا البيت عالم بالأسرار) [٦] ، فارجع عما قصدت ونويت». فقال له : «أشهدك أني قد رجعت عما نويت لهم». فلم يخرج العالم من عنده إلا وقد عافاه الله سبحانه وتعالى. فآمن بما