ذكره له ذلك العالم ، وكسى الكعبة سبعة أثواب ، وجعل لها بابا ، وأقام أياما [١] ينحر كل يوم مائة من الإبل ينتابها الناس ثم السباع ثم الطير.
قال ابن هشام [٢] : «ان تبع هذا هو أسعد الحميري ، وذكر أنه لما سار في الأرض ، أقبل من الشرق على المدينة ، وكان قدمها أول سيره ، وترك بها ابنا له ، فقتل غيلة ، فقصدها ليهلك أهلها [٣] ، فخرج له [٤] هذا الحي من الأنصار ورئيسهم إذ ذاك عمرو بن طلحة أخو بني النجار ، فقاتلهم فقاتلوه. فخرج إليه حبران من اليهود ونهوه عن قتال الأنصار واستئصال أهل المدينة ، وحذروه العقوبة. فقال : «ولم ذاك؟!» ، فأخبراه أنها مهاجر نبي يخرج من الحرم من قريش يكون داره وقراره بها [٥]. فتناهى وتبعهما على دينهما ، ويقال أنه آمن بمحمد 6. ثم أنه توجه إلى مكة قاصدا اليمن ، فلما بلغ بين عسفان [٦] وأمج [٧] أتاه نفر من هذيل [٨] وقالوا له : «أيها الملك! ألا ندلك على بيت مال أغفله الملوك
[١] وحسب الشعر الذي مر ذكره فإنه أقام بمكة عشرة أشهر.
[٢] السيرة النبوية ١ / ١٩ ـ ٢٦ «واسمه أبو كرب تبان أسعد».
[٦] عسفان : ومعناها اللغوي : المفازة المقطوعة بلا هداية ولا قصد ، وهي منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة ، وهي من مكة على مرحلتين. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ٤ / ١٢١ ـ ١٢٢.
[٧] أمج : بلد من أعراض المدينة ، والأمج في اللغة : العطش. انظر : ياقوت ـ معجم البلدان ١ / ٢٤٩.
[٨] هذيل : من القبائل العربية العدنانية ، يعودون إل هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، منازلهم كانت وادي نخلة المجاور لمكة وبين مكة والمدينة ، وكان صنمهم مناة بقديد. انظر : ابن حزم ـ جمهرة الأنساب ١٨٥ ـ ١٨٧ ، الزركلي ـ الاعلام ٨ / ٨٠. ـ