وذكر الفاسي [عن الفاكهي][١] : «أن الناس كانوا لا يتجاوزون في السكنى البئر التي عند الردم ـ وهي بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل» [٢]. قال الإمام علي بن عبد القادر [٣] : «وهي البئر المعروفة في زماننا ببئر الدشيشة الحاسكية [٤] لكونها بالقرب منها». والردم المشار إليه ردم بني جمح ـ بالميم والحاء ـ ردمه [٥] أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضياللهعنه.
قلت : وسيأتي بيان ذكره. وإلى هذه البئر أشار عمر بن أبي
[١] ما بين حاصرتين زيادة من شفاء الغرام للفاسي ١ / ٢٧.
[٢] وهذا البئر باسم جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ، ابن عم رسول الله 6 ، وشيخ قريش في زمانه. أسلم يوم فتح مكة ، اتصف بالحلم ونبل الرأي كأبيه. كما كان من أنسب العرب ، أخذ النسب عن أبي بكر الصديق (وتوفي سنة ٥٨ أو ٥٩ ه. انظر : ابن حزم ـ جمهرة أنساب العرب ١١٦ ، ابن كثير ـ البداية والنهاية ٨ / ٤٦ ، الذهبي ـ سير أعلام النبلاء ٣ / ٩٥ ـ ٩٩.
[٣] علي بن عبد القادر الطبري في كتابه : الأرج المسكي ص ٦٠.
[٤] في (د) «الخاسكية». والصحيح الخاصكية وسيرد ذكرها كثيرا في هذا الكتاب. وانظر : الأرج المسكي ص ٦٠.
وردم بني جمح هو سد عظيم بالمدّعا بأعلا مكة. وكان من نتيجة عمل الردم أن تحول مجرى السيل الذي ينحدر من ناحية المدعا إلى مجرى وادي إبراهيم ، حيث كان هذا السيل ينحدر من المدّعا على شارع المسعى ، ويدخل من جهة باب السلام إلى المسجد الحرام. فبناه أمير المؤمنين عمر رضياللهعنه بالظفائر والصخور العظام ، وكبسه بالتراب ، فلم يعله سيل بعد ذلك. غير أنه جاء سيل عظيم سنة ٢٠٢ ه فكشف عن بعض أحجار الردم وشوهدت فيه تلك الصخور العظيمة الكبيرة التي لم ير مثلها. وكان هذا الردم أول سد وضع بمكة. باسلامة ـ حسين عبد الله ـ تاريخ عمارة المسجد الحرام ط ١٤٠٠٦١٣ ، الكتاب السعودي ١٦ ـ ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ ص ١٤ ـ ١٥ ، الأرج المسكي ٦٠.