وكان رحيلنا بعد المقام المطوّل [٣] لخمس خلون من شهر ربيع الأوّل ، فنكبّنا عن طريق المدينة [٤] يسارا ، وسرنا لا نألو جدّا وانشمارا [٥]. ثمّ وصلنا وقد ألقى جمل الإعياء جرانه ، وغنّى بلبل العناء ألوانه ، إلى البلدة الخصيبة مليانة [٦] ، وهي مدينة مجموعة مختصرة ، وليست مع ذلك عم أمّهات المدن مقصّرة ؛ أشرفت من كثب على وادي شلف ، واستشرفت نسيم طرفها من شرف ، في روضة جمّة الأزهار والطّرف ؛ فرعت في سفح جبل حمى حماها أن يرام ، وشرعت في أصل نهر يشفي الهيّم [٧] من الهيام ، شاق منظرا ، وراق
[٦] مليانة : مدينة في آخر إفريقية ، بينها وبين تنس أربعة أيام ، وهي مدينة رومية قديمة ، جدّدها زيري ابن مناد معجم البلدان ٥ / ١٩٦ ، ويقول الحسن الوزّان : تقع في قنّة جبل على بعد نحو ٤٠ ميلا من البحر وصف إفريقية : ٢ / ٣٤ ـ ٣٥.