للظّمان بلالة [١]. وقد شاهدت جمعا من الحجّاج ينيفون على الألف وردوها ، ووقفوا إلى ملكها [٢] فأعطاهم دينارا واحدا! وأغرب من هذا ما شاهدته [٦ / ب] من منصور صاحب مليّكش [٣] ، وهو أنّ جماعة من الحجّاج نحو العشرين ، وقفوا إليه في محلّته عند بيته ، فكلّموه في عشائهم فرحّب بهم واحتفل في السّلام عليهم ، ثمّ أخذ ينادي : يا أهل الدّوّار [٤] ، هؤلاء ضيفان الله ، من يحمل منهم إلى بيته واحدا؟! وجعل يكرّر ذلك كما يصنع المدرون [أهل المدر][٥] ، فلمّا لم يجبه أحد ولّى عنهم ، ووراءه جمع كثيف من الفرسان ، وهو سلطان تلك النّواحي.
وتلمسان مدينة كبيرة ، سهليّة جبليّة ، جميلة المنظر ، مقسومة باثنتين بينهما سور ، ولها جامع عجيب [٦] مليح متّسع ، وبها أسواق قائمة ، وأهلها ذوو ليانة ولا بأس بأخلاقهم. وبظاهرها في سند الجبل موضع يعرف بالعبّاد [٧] ، وهو مدفن الصّالحين وأهل الخير ، وبه مزارات كثيرة ، ومن أعظمها وأشهرها
[٢] كان أبو سعيد عثمان بن يغمراس بن زيان ملك تلمسان بين سنتي (٦٨١ ـ ٧٠٣ ه). انظر تاريخ الجزائر العام : ٢ / ٧٣.
[٣] مليكش : قبيل من صنهاجة كانت له إيالة ببسيط متيجة قضى عليها بنو مرين لما استولوا على المغرب الأوسط (الذيل والتكملة ٨ / ٢٧١ حاشية رقم ٣٥٠).
[٤] الدوّار لفظة تطلق في المغرب عند الرّحل ، حيث يضربون خيامهم على صورة مستديرة ، ثمّ عمّمت اللفظة فصارت تطلق على القرية. (حاشية الفاسي على المطبوع : ١١).
[٥] زيادة من ت و: ط وأهل المدر سكّان البيوت المبنية خلاف أهل الوبر وهم سكان الخيام.
[٧] العبّاد : قرية على نحو ميل جنوب تلمسان ، فيها قبور الأولياء التّلمسانيين ، وكانت قرية كبيرة ذات مساجد ومدارس وخانات ، ثمّ تراجعت عمارتها حتّى اضمحلّت. انظر وصف إفريقيا ٢ / ١٨٠.