يطبق مفاصل القفار ، وينصلت [١] من المجاهل انصلات المجلّي [٢] من النّقع المثار ، كالسّهم مسدّدا إلى غرض [٣] الفلاة ، والجارح منقضّا على الموماة ، لا يستدلّ بنجم ينظر فيه ، ولا يعرف نعشا ولا بنيه [٤] ، ولا يتّقي أن يسهو مع من سها ، فيذكّره سهيل [٥] أوالسّها [٦]. يتبلّد [٧] النّجم فيقف وقفة الحيران ، وربّما عنّ له المسير فناء كالنّشوان ، وهو يشقّ أديم اليهماء [٨] ، كما شقّ البدر حندس [٩] الظّلماء ، تحسده النّجوم فتلاحظه بطرف كليل ، وتقاربه الرّيح فتتنفّس بنفس عليل ؛ حتّى قطع بنا تلك المفاوز ، واكتسينا ـ بحمد الله ـ برود الأمن بعد تلك المعاوز [١٠] ، والحمد لله الذّي كلّت الألسن عن مدى حمده ، حمدا يستنفد مداده [١١] البحر في مدّه.
[ذكر تلمسان]
ثمّ وصلنا إلى مدينة تلمسان ، فوجدناها بلدا حلّت به زمانة [١٢] الزّمان ، وأخلّت به حوادث الحدثان [١٣] ، فلم تبق به علالة [١٤] ، ولا تبصر في أرجائه