responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رحلة العبدري نویسنده : أبو عبدالله العبدري    جلد : 1  صفحه : 478

وعثاء [١] ، وبريّة دويّة قفراء [٢] ، كأنّ سالكها يخوض وحلا ، أو يدافع من رملها المنهال سيلا. ومسافتها ستّة أيام ، كأنّها لفرط العناء أعوام. ولو جمعت إلى وعثها [٣] المعنّي طولا لأعادت كلّ سالك لها بقيد الحمام [٤] معقولا. ولكنّ العزائم تقوى عليها بقرب المسافة ، [٥] مع حصول الأمن بها وانتفاء المخافة ، وذلك أنّ كلّ مرحلة منها منهلة عامرة ، والقوافل بها ليلا ونهارا ، مريحة وسائرة ؛ لا تستدبر ميلا إلّا لقيت له مستقبلا [٦] ، ولا تزمع تحويلا إلّا وجدت إلى وجهتك متحوّلا ؛ فخفّ لذلك عناؤها [٧] وإن لم يخفّ ، وذبل به عود لأوائها وهو من النّضارة يرفّ. وقلّما فارقها سالك ، حتّى عاد [٨] نضوا طليحا [٩] ، ولا ألقى عصا التّسيار بها مسافر ، حتّى صار لقى [١٠] طريحا.

ثم وصلنا إلى الصّالحيّة ، أوّل بلاد مصر ، ولكنّها معدودة في البرّية لضيق أرزاقها وشكاسة أخلاقها ، وإفراط عنائها ، وإضرار هوائها ؛ قرية تقري ضيفها قرّا وطوى ، وتوحشه بأنسها [١١] حتّى يأنس بالذّئب إن عوى [١٢].


[١] الوعثاء : ما غابت فيه الحوافر والأخفاف من الرمل الدقيق وغيره.

[٢] في ط : عثراء والدّوّيّة : الفلاة الواسعة الأطراف.

[٣] في ت وط : وقتها.

[٤] الحمام : قضاء الموت وقدره.

[٥] في ت : إليها لقرب المسافة.

[٦] في ت وط : مستقيلا.

[٧] في ط : بذلك عناها.

[٨] في ت : حتى يصير ، في ط : إلّا عاد.

[٩] الطليح : من أضمرة الكلال والإعياء.

[١٠] ـ اللقى : هو ما طرح.

[١١] ـ في ت وط : من أنسها.

[١٢] ـ استفاد من قول الأحيمر السعدي اللّص في أشعار اللصوص ١٠٤ :

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى

وصوّت إنسان فكدت أطير

نام کتاب : رحلة العبدري نویسنده : أبو عبدالله العبدري    جلد : 1  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست