وقد وقفنا عليها ، وأرانا إيّاها شخص مقيم بعسقلان وهو قيّم التّربة المذكورة وله شيء من جراية [١] أجراها له ملك مصر ، قيّدته هنالك مع مايرضخ [٢] له به من يسمح من الزّوار. وكان دخولنا عسقلان وقت الظّهر فصلّيناها بمسجد الحسين ، ثم خرجنا قبل العصر إذ المقام به غرر ، والله ولي التّوفيق ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.
[ذكر غزّه]
ثمّ وصلنا إلى غزّه [٣] حماها [١٢٥ / آ] الله وهي آخر بلاد الشّام ممّا يلي مصر ، وبينها وبين الصّالحيّة أوّل بلاد مصر ستّة أيّام. وغزّة مدينة متّسعة عامرة ، لا سور لها ، وبينها وبين البحر مسافة أميال ، وهي أكثر عمارة من كلّ ما تقّدم ذكره من بلاد الشّام. وهي جسر إلى مصر ، وإلى الشّام ، وبها أسواق قائمة ، ومساجد معمورة ، ولها جامع مليح حسن ، ولكنّها قد عريت عن عالم ومتعلّم ، وأقفرت من فقيه ومتكلّم. فهي عامرة غامرة [٤] وقائمة دائرة ؛ وهذا أمر شمل في هذا الأوان المدن والقرى ، وعمّ بحكم القدر أصناف الورى ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.
[الطّريق من غزّة إلى القاهرة]
ثم سافرنا من غزّة مستقبلين لبرّية الشّام ، مطّرحين لدواعي النّكول والإحجام ، مصافحين لأوجالها ، [٥] مكافحين لأهوالها ، وهي كلّها رملة
[١] الجراية : المرتب من الخبز ونحوه يجرى على الشخص في كل يوم.