وبها مزارة رأس الحسين رضياللهعنه ، وهو مسجد كبير مليح مرتفع ، والمسقّف منه ناحية القبلة ، وفيه جبّ كبير لماء المطر ؛ وأمر ببنائه بعض بني عبيد [١] وكتب ذلك على الباب ، وقد تقّدم ذكره في رسم مصر والحمد لله. وفي قبلة هذه المزارة مسجد كبير مليح يعرف بمسجد عمر ، وقد تهدّم ولم يبق إلّا حيطانه ، وفيه من أساطين الرّخام قائمة وموضوعة ما هو النّهاية في الحسن ، وبه أسطوانة حمراء مليحة جدّا ، ويحكى عنها [٢] أنّ النّصارى حملتها إلى بلادهم فأصبحت بموضعها في المسجد. وفي قبلة المسجد بئر عظيمة ، متقنة العمل ، عجيبة الصّفة ، تعرف ببئر إبراهيم ينزل إليها في درج متّسع ، ويدخل منه في بيوت شارعة فيه ، وفي البئر أربعة عيون : واحدة من كلّ جهة ، وتخرج من [٣] أسراب مطويّة بالحجارة ، يقابل بعضها بعضا ، وماؤها طيّب عذب ولكنّها ليست بغزيرة ، ويحكى في فضائلها أشياء لا تقع الثّقة بصحّتها ، والله أعلم.
وبظاهر عسقلان واد يعرف بوادي النّمل ، ويقال : إنّه المذكور في الكتاب العزيز [٤]. وقد ذكر المفسّرون أنّه واد [٥] بالشّام ، وفيه جبّانة عسقلان ، وبها من قبور الأولياء والشّهداء ما لا يحصره عدّ ، وأكثرها مسمى معروف ،
[١] ذكر ذلك مجير الدين الحنبلي في الأنس الجليل ٢ / ٧٤.
[٤] جاء في سورة النمل : ١٨(حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).