بالإعراب والإبداع ، وتفصح بما يشرح عن فضيلة الصنّاع ، حسنها الأوّل فاستحسنها الآخر وانعقد الإجماع ؛ تنازع الكمال منها الظّاهر والباطن ، لما سلما معا من كل عائب وشائن ، واجتمعت في كليهما أشتات المحاسن. فإن أدلى الظّاهر بحجته إلى حكم الطّرف حكم له ، وإن أعرب الباطن عن فضائله قال له الطّرف : ما أكمله!. تناصف الحسن ، وتماثلت الأدلّة ، فليس إلّا أن يقال في جواب المسألة أيّهما جاء أوّلا عمل عمله.
وصفتها أنّها قبّة مثمّنة على نشز [١] في وسط المسجد ، ويطلع إليها في درج من رخام قد أحاط بها. ولها أربعة أبواب ، والدّائر مفروش بالرّخام المحكم الصّنعة وداخلها كذلك. وفي ظاهرها وباطنها من أنواع التّزويق ما يقصر عنه الوصف.
وأمّا الذّهب فما رأيته مبتذلا في شيء كابتذاله في هذه القبّة ، حتّى لقد غشّي [٢] به أكثرها ظاهرا وباطنا ، فهي تتلألأ ساطعة الأنوار ؛ كلمعان برق أو اشتعال نار ، وقد ذهّب الأعلى من ظاهرها إلى حدّ التّسقيف. وألبس سقفها ليّن [٣] الرّصاص المحكم الإلصاق حتّى صار جسدا واحدا. أمّا باطنها فيكلّ عن وصفه اللّسان ، ويحار في حسنه إنسان الإنسان ، تبهر النّاظر [٤] أشعّته الباهرة ، وتستوقف الخاطر محاسنه الظّاهرة. اسكرت [١٢٣ / ب] العقول فصارت لها عقالا ، وأكلّت [٥] الألسن فما وجدت مقالا ، فاقت حسنا وكمالا ،